تمت هذه المحادثة عبر الواتس اب وتحديدا في 28 أبريل 2014:
إحدى طالباتي (في مرحلة الماجستير) ترسل لي:
الساعة عشرة ونصف مساء:
- من غرفتي أسمع جارتنا تنضرب؟؟؟!!
- وتطلب المساعدة.. تخيلي
- عااااااجزة والله...
أنا أرد:
- يالللللللله
الطالبة:
- يأس
- مسكينة.. تردد... الحقوني
- لكن من خبرة لا حل
- أصلا كل الجهات بيقولون مالنا علاقة
- فتحت الشباك وجلست تحته.. أسمعها بس
الحادية عشر و11 دقيقة:
- سكتت الآن
- الله يفرج همها ويحفظها من هالكلاب في مجتمعنا
- عفوا عالكلمة
- بس ما أقدر اوصف زوجها بغير هذا
- أنا: هل تعتقدين أنها يمكن أن تقاومه؟
- لا أظن، هي تربت وتدجنت على قبول إيذاء الرجل
- هي تشعر بأنها ضعيفة
في اليوم التالي: تكتب طالبتي:
- (الحقوني) صرخة السيدة اللي أمس ما فارقتني، ورغم أننا تعرضنا كثيرا لمثل ما تعرضت له (أقصد قد رأيته بنفسي إلا أنني تأثرت بصراخ هذه المرأة كثيرا . أجد صدى كلماتها يحفر في تجويف قلبي.
- يمكن هالمرة رؤية للعنف من أعلى!!
- مؤلم أن يشاركها رجل خلايا جسدها ودمها وتفاصيل حياتها ويصير اللي صار»
هذا المشهد يلخص مئات من حالات العنف التي تقع على النساء في مجتمعنا المفرط في ذكوريته التي تخترق مفاصل نظامه القانوني والقضائي وتظهر في كافة تعاملات المؤسسات الحكومية والقانونية مع المرأة.
المشكلة أن النساء مغيبات ولا يعين ذلك.. ولا تستيقظ معظم النساء إلا حين يقعن تحت نيره بظلم من ذوي قربى وبطلاق أو ترمل فيجدن الأبواب مغلقة في وجههن ولا حلول إلا بالركض وراء رجال من عائلاتهن (أخ، عم) حتى (يعرفوا بهن) (من التعريف المطلوب في المحاكم) أو لتسهيل إجراءاتهن القانونية أو ما تعلق بأبنائهن من مال ووصاية قانونية أو خلافه.
نظام الحماية من الإيذاء والذي صدر مؤخرا، اتبع بإصدار اللائحة التنفيذية المفسرة لمواد ذلك النظام يعالج بعض نواحي مشكلة الإيذاء التي تقع على الجميع طفلا أو عاملة منزلية أو زوجة أو زوج أو معاق أو كبير في السن لكنه لا يركز على الزوجة السعودية التي تحاصرها القوانين المحلية التي يتأصل في مفاصلها كل أنواع العنصرية والتحيز ضد المرأة ومن ثم يمكن لأي ولي وللزوج تحديدا إيقاع الأذى عليها بطرق متنوعة فبكل بساطة يستطيع أن يحتجزها في داخل البلاد ويمنعها من السفر فهو من يتحكم في ذلك عبر الكمبيوتر وهو من يعطيها إذن السفر أو يمنعه عنها بحسب رضاه ومهما بلغت مكانتها الوظيفية والعائلية (بما في ذلك عضوات الشورى وصاحبات السمو)!
هو أيضا يستطيع أن يطلقها بجرة قلم ثم يطردها من المنزل ويحرمها من أطفالها مهما قضت معه من سنوات فالنظام في مواده لا يضمن أية ملكية للمرأة في منزل أو أثاث.
النظام يسمح للرجل بمنعها من الخروج من البيت وهي لن تخرج إلا بإذنه مهما بلغ أذاه لها كما أن السؤال البسيط يقول: كيف لهذه المرأة العاجزة قانونيا والعاجزة (من حيث عدم وجود نظام مواصلات عامة) أن تصل إلى دور العدل والقضاء أن بلغت بها الشجاعة أن ترغب في اتخاذ خطوات قانونية ضده.
نظام حماية المرأة من الإيذاء يجب أن (يأخذ خصوصيتنا بالحسبان) وأن يظهر في ثناياه ما تضمره القوانين المجحفة وغير الإنسانية التي تنطوي عليها أنظمتنا المحلية الخاصة بالمرأة وحتى يتضح ما أقصد فسأقدم المثال التالي:
نحن جميعا كنساء نخضع شئنا أم ابينا لسلطة الولي أبا أو زوجا أو ابنا وكل ما تأمله أي واحدة فينا هو أن يكون هذا الولي عاقلا و(رجلا) بالمفهوم الإنساني والمتحضر حتى تنال ما تستحقه من فرص تعليمية ووظيفية لكن حين يجور الزمن وتظلم المرأة في بيتها ومع من تقع تحت ولايته فلا راد للظلم والإيذاء طالما المواد التفسيرية لنظام الحماية من الإيذاء يؤكد حتمية السلطة الجائرة الواقعة على المرأة.
ولكي يتضح للقارئ العزيز ما أقصد.. فلنراجع هذه الفقرة من المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لنظام الحماية من الإيذاء والتي تنص على:
الولاية: سلطة يثبتها الشرع للولي تخوله صلاحية التصرف وإدارة شؤون شخص آخر نيابة عنه فيما يتعلق ببدنه ونفسه وماله.
- السلطة: علاقة شرعية أو نظامية بموجبها يحق للشخص أن يفرض إرادته على شخص آخر بناء على ما له عليه من صلاحيات التوجيه أو الإشراف الأسري.
وبحسب القانون السعودي فالمرأة السعودية تخضع لنظام الولاية من الرجل الذي ترتبط به شرعا ولا ولاية لها بوجوده؟؟
اللهم سترك ....؟؟. هل يرى أصدقاءنا الرجال مبلغ الظلم الواقع على المرأة من خلال قضية الولي وتفسيره كما تراه الدولة حيث إن الولي: له الحق في التصرف في بدن ونفس ومال من هو ولي عليه !!! هل تتصورون أنفسكم في مواقعنا كنساء؟؟
بربكم... كيف يمكن حماية المرأة من الإيذاء أو تقديم المساعدة لها طالما أجهزة الدولة نفسها لا تملك سلطة تجاوز سلطات الولي الذي له حق التصرف في بدن وعقل ومال من يولي عليه!
في أي عصر يعيش المشرع السعودي؟.. استيقظوا... فنحن في القرن الواحد والعشرين؟؟؟