فقد عالم النفس والكاتب دان بيكر ابنه وهو في عمر الزهور وما أصعبه من فقد فأنهكته الهموم وغمرته ظلمة اليأس، ثم بعد أن خرج من محنته سطر كتابا عن ما تعلمه: يقول في إحدى صفحاته: لقد اكتشفت المعنى الحقيقي للتفاؤل؛ فكلما كان الحدث أكثر إيلاما كان الدرس أكثر عمقا؛ فالحكمة لا تأتي إلا بعد معاناة!
وأحسب أن شر ما يصيب البشر هو يأسٌ يطيل ليلهم ويهد حيلهم ويشل تفكيرهم!
وشر المشاعر هي مشاعر الهزيمة والانكسار، وأن يصل الإحساس بأن الظهر قد حطمته الضربات, والجسد قد فتته اللكمات!
فهل المهزوم هو من أخفق في زواج؟ أو لم يوفق في تجارة؟
أم هو ذلك الذي تكالب عليه الأعداء وتربص به المتربصون؟
وهل كل مخفق مهزوم؟
الهزيمة ليست في مشهد يحدث لك بل هي طريق تفكير وأسلوب حياة!
والهزيمة الحقة أن تكرر الخطأ وأن تتوالى العثرات المتشابهة!
في غزوة أحد كانت الجراحات مؤلمة للقلوب قبل الأجساد فقد حدث ما حدث فيها من انقلاب في اتجاه المعركة وقد استشهد بعدها أكثر من سبعين صحابياً! ومع ذلك ما رجع الحبيب اللهم صل وسلم عليه للمدينة للبكاء واستئجار النائحات بل تبع الكفار لحمراء الأسد فلا وقت للبكاء!
وهذا جريج هورن مالك سلسلة مطاعم أمريكية عاد ذات يوم من سفر حضر فيه دورة تدريبية وكانت الصدمة؛ حيث غمر فيضان هائل متجره وأتلف سلعا ومعدات بمبالغ طائلة وكان التأمين لا يشمل الفيضانات! فكر في الاختيار الأسهل وهو إعلان الإفلاس ثم عدل عنه لمبدأ عظيم تعلمه في الدورة يقول هذا المبدأ: ليس مهما ما يحدث لك المهم هو ما يحدث بك! وحجم المشكلة ليس المهم بل كيف ستتعامل معها! شهور فقط وعاد الأمر أفضل مما كان عليه!
لست منهزما عندما تدخل السوق وأنت صغيرا ولكن الهزيمة أن تبقى صغيرا طوال عمرك!
لست منهزما عند تقترف ذنبا وتقارف معصية بل شر الهزائم اعتيادها واستسهالها!
كتبت آن لاندرز وهي مستشارة نفسية: لو طلب مني أن أعطي ما أعتبره النصيحة الوحيدة الأكثر فائدة للبشرية كلها فستكون هي: توقع المشكلات كجانب حتمي، وعندما تأتي، ارفع رأسك وانظر إليها مباشرة وقل: سأكون أكبر منك ولا يمكنك هزيمتي!
ومن تأمل في حياة العظماء وجد كيف أن حياتهم وخصوصا بداياتها كانت تزخر بالعثرات والبدايات البسيطة فهذا اديسون وروزفلت وكنتاكي وبعدهم ستيف جوبز واجهوا الكثير والكثير ولم يتوقفوا ولو توقفوا من أول عثرة لما سطر لهم التاريخ المجد!
والحياة جميلة بالتقدم والإقدام ولا بأس بشيء من العثرات فالحياة كما يقول برنارد شو التي تمضي بارتكاب الأخطاء ليست أشرف فحسب بل أنفع من حياة تمضي بلا فعل!
ويقول لاعب كرة القدم الأمريكي كايل روت: ثمة طرق متنوعة للفوز ولكن ثمة طريق واحد للخسارة ألا وهو الفشل وعدم تجاوز أثره! فالتحول من الإخفاق للفوز أسهل بكثير من عملية اختلاق الأعذار!
مهما كان حجم الخطأ وعظم الذنب واتساع الهفوة فأنت شخص تحمل بين جنبيك روحا طيبة وبذورا للقوة والعطاء ومهما كان حجم الوجع الذي استوطن قلبك فثمة أمل يلوح وطلائع فرج تحوم حولك! تذكر دائما أيها العظيم أن العزيز وهبك القدرة على تحمل ما ينالك من ألم ومنحك قوة على الصمود على تلك الأعاصير التي تهب في حياتك!
وستظل الأخطاء والإخفاقات حاضرة في حياتنا جميعا وهي بعض أقدار الله في هذه الدنيا فقابلها بثقة بالله واشتر معها معولا تحرث به بذرة الأمل وإياك أن تشتري سوطا تجلد به نفسك والحياة الجميلة كما يقول المثل الدنماركي: ليست في حصولك على أوراق جيدة وإنما بلعبك بمهارة بأوراق سيئة!! وتأكد أن كل عثرة ستمضي وكل حاجز سينهار وكل وجع مآله ذهاب وكل مأزق تهديك إياه الليالي فقريبا بإذن الله ستحين لحظات وداعه ؛ فلا تنهزم ولا تنكسر وارفع راسك شامخا واثقا متوكلا على الله ولا تدع زلة أو خطأ يحبطك ولا تصورها على أنها وصمة عار بل هي خطوة نحو النجاح! واستعن بتلك الومضات:
* حافظ على هدوئك وابتسامتك مهما حدث.
* تحمل المسؤولية؛ فأمر نجاحك بيديك!
* ابحث عن الحلول في كل مشكلة فهناك الكثير.
* تذكر دائما أنه لم يفت الأوان لتبدأ من جديد.
* ثق بالله ثم بنفسك ولو خذلك الآخرون!
* تأكد أن الفشل جزء من عملية النجاح!
* تشبث بالأمل حتى عندما يقول لك الآخرون: لا أمل!
ومضة قلم:
90 من الفاشلين لم يهزموا فعلا؛ ولكنهم ببساطة استسلموا!