عندما ابتكر الشباب المصري ثقافة (المسات أو الرنات)، كانت محاولة ناجحة لتجاوز الكُلفة العالية في تعرفة المحمول، ومشاركة بين طرفين في التعبير عن المشاعر والحب المتبادل، وعدم النسيان مع زحمة الحياة!
يُحسب للمصريين منذ عدة سنوات أنهم أول من استخدم طريقة التواصل الهاتفية الصامتة بين العشاق، أو الأزواج العرب، وبلغة متفق عليها مُسبقاً، وبدون تكلفة مالية، حيث يقوم الخطيب بالاتصال على خطيبته (رنّه أو رنّتين ) دون أن تفتح الخط أو تجيب على المكالمة فتحسب التكلفة، ولكنها تفهم أن الاتصال بمثابة (أنا فاكرك ومش ناسيك، وبسأل عنك اهوه)، وهي تبادله نفس الشعور بالاتصال عليه بذات الطريقة، وكأنه حوار صامت بين الطرفين؟!
المسألة تطورت ليستخدمها المغتربون، والمثقفون، وأصحاب الأعمال وغيرهم للتغلب على التكلفة وظروف الحياة الصعبة، وتجاوز معضلة (الرغي الهاتفي) غير المفيد، عبر الاتفاق على آلية معينة وعدد رنات محدد!
الفكرة لم تعد حكراً على مجتمع دون آخر، فقد ذكر الموقع الإخباري الهندي (سكرول دوت آي إن) أن نصف من يملكون هاتفاً محمولاً في الهند، والبالغ عددهم 900 مليون مشترك، يستخدمون ذات الطريقة عمداً للتواصل فيما بينهم - بالرنات- التي لا يتم الرد عليها، وهو ما يُكبد الشركة خسائر؟!
الرنات بين الشباب الهندي صُنفت كطريقة (مجانية) للتعبير عن الحب، استخدمها نجوم (بوليوود) في العديد من الأفلام مؤخراً، خصوصاً في مناطق الأرياف، حيث يتجاوز الشباب العادات والتقاليد باستخدام اللغة الصامتة للرنات، والتي قد تُحمّل فيها الأغاني الشهيرة كذلك!
في مجتمعنا السعودي باتت العبارة المصرية (متداولة) عند مغادرة الشاب لأصدقائه، أو قبل إنهاء مكالمة هاتفية على طريقة: (بيننا رنات)، أو (على مسات)، أي لن أدفع مقابل التحدث معك، لن نستغرب خروج مثل هذه الثقافة طالما أن السعودي يدفع (30% من دخله الشهري) لتسديد فواتير الهاتف والاتصال الإلكتروني دون أن يعلم، وخصوصاً أن كلفة الاتصال (لدينا) هي الأعلى خليجياً حسب تصنيف (الاتحاد الدولي للاتصالات)!
لو كنت أعرف جوال وزير التجارة كنت اتصلت بمعاليه (مسات ورنات) للصبح، تعبيراً عن الشكر والاهتمام بالتكلفة والتعرفة المحلية، وصمت الوزارة حيالها؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.