قرأت خبراً في صحيفة الجزيرة في الثاني من رمضان 1435 للهجرة، حول قرار وزير التربية والتعليم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، لتشكيل لجنة تُعنى بالحفاظ على الهوية الدينية والثقافية والحضارية للمملكة، وربط النشء بهويتهم الإسلامية، وثقافة وطنهم وتاريخه.
حيث ستعمل اللجنة المشكلة على إعداد خطة عمل لبرنامج ثقافي متنوع، يحقق تعزيز الهوية الإسلامية التي تنفرد المملكة بالحفاظ عليها والعمل في ضوئها، ولترسيخ الاعتزاز بالدين، والولاء للملك، والانتماء للوطن وغرس روح المسؤولية الاجتماعية لدى النشء.
ولي تعليق على ذلك، كوقفات أرى أنها مهمة، والرأي في النهاية للمسؤول، وكنظرة شمولية للواقع التربوي، وإبراز لجوانب القرار المهمة.
في اللجنة قيادات لن تبخل على الميدان برؤيتها، ولكن من باب التعاون على البر والتقوى، ونبذ الإثم والعدوان، أكتب مقالي هذا.
أولاً: يجب على اللجنة السعي نحو تعزيز القائم من البرامج، كما جاء في القرار، وهي متعددة، وكما جاء في القرار (تعزيز الهوية الإسلامية)، (وترسيخ الاعتزاز بالدين)، (الحفاظ على الهوية الدينية).
وهذه لمحة مهمة في القرار، فالميدان التربوي في المملكة العربية السعودية، لا يفتقر للقيم والهوية الإسلامية والدينية، فنحن مسلمون بلا أدنى شك، والمطلوب هو تعزيز ما نحن عليه من خير، وقد تكرر استخدام مفردة (تعزيز)، و(الحفاظ) في القرار، فنحن جميعاً، لا نتطلع لبناء جديد، بل نكمل المسيرة، ونعززها بالجديد ولتأكيد المفيد ونحافظ عليها بكل ما نملك.
ثانيا: يجب أن تضع اللجنة مفهوما عاما عند رسم الخطة، وهي -إكمال المسيرة- نعم إكمال المسيرة، فمن سبق من قادة البلد من الملوك رحمهم الله، وحفظ الملك عبد الله وكوادر التربية والتعليم من المسؤولين والمعلمين والمعلمات، لم يهملوا الجوانب المذكورة، والنقص والتقصير مفروض على البشر، ومن يأت بعدهم خير خلف لسلف إن شاء الله، يكملوا المسيرة، ويبتكرون الجديد، ويعززون القائم، ويعدلوا المعوج، وأبداً لن يبنوا مفاهيم جديدة منقطعة أو مبتورة عن السابق، فهذا الوطن بناه مليكنا الأول الملك عبد العزيز ومن معه من المخلصين، ثم الملك سعود ثم الملك فيصل ثم الملك خالد ثم الملك فهد، رحمهم الله جميعا، ثم الملك عبد الله، وفقه الله، ولا نزال جميعا ننعم بالبناء الأول ونحافظ عليه ونعززه، ونزيد عليه ونكمله بما تحقق من مفاهيم خالدة، ولا جديد سوى في الشكل والبرامج والمباني ونحوها، وأبدا لسنا من أسس كل شيء.
الحفاظ والتعزيز، يعني إكمال المسيرة، ومواصلة البناء، لا من باب التأسيس، بل من باب المواصلة والإكمال، وفرق بين أن تدعي البناء والتأسيس، وبين أن تتبنى التعزيز والمحافظة.
هذا المفهوم أهم ما يجب التحلي به، في مسؤولية اللجنة ومن بعد اللجنة ومن فوق اللجنة، والحمد لله القرار واضح، وما أقوله تأكيد فقط.
وأول البرامج هي هذه الروح، فمن تعدى ليقول (أنا من فعل)، فليس بخير خلف لخير سلف، أقولها وبكل صراحة، معتزا بما تقدمه هذه الدولة للمواطن والوطن، وللبشرية وليس الأمة الإسلامية فحسب، وبما تعودنا عليه، وكلمات الدولة محفوظة ومقدرة، تبرز حرص القادة على المواصلة والأصالة والتطور، والحوار والتضامن والتعايش، وفق سياسة ثابتة خالدة، بشرعية لا تتخلف في أي مجال.
بعد هذا، أتمنى من اللجنة عدم الفصل بين ما في المقررات والبرامج، وربطها معا لتحقيق البرنامج الثقافي الشامل، بقدر المستطاع.
في مقررات التربية الإسلامية، التربية السياسية المطلوبة للولاء للملك وولي الأمر والوطن، وقبل ذلك لله جل وعلا، وفي المقررات التربية الأسرية والصحية والتربية المرورية، والتربية المكانية والتربية السكانية والتربية الاجتماعية والتربية الدينية الإسلامية.
ولكن كل مقرر بحاجة لبرنامج مصاحب، يجب ابتكاره، أو ربطه في المقرر بقدر المستطاع.
في لغتي ومقررات اللغة العربية جوانب مهمة، يمكن ميكنتها لتكون بداية عمل إعلامي ثقافي تربوي شامل، يربط الطلاب، ليس بحشو المقرر، بل ينقلهم لرحاب أنشطة عملية، تعزز ما هو مطلوب من برامج ثقافية.
نحن بحاجة لترتيب الأنشطة والبرامج، وتعزيز جوائز أفضل البرامج الإسلامية، فيما يتعلق بضبط مصلى المدرسة، وحفظ القرآن الكريم، وحفظ السنة المطهرة، وكذلك فيما يتعلق ببرامج المسؤولية والبيئة، وخلاف ذلك.
أقترح إنشاء بنك للبرامج أولاً، ثم فرزها والاختيار منها، ثم ربطها بالمقررات كأنشطة، ليمكن ترتيب فعاليات البرامج، ولإبراز البرامج الدائمة.
من البرامج الدائمة منع إخراج طلاب المرحلة الابتدائية قبل صلاة الظهر وتربيتهم في مصلى المدرسة، وضمان مكان انتظارهم لأولياء الأمور.
أما البرامج العامة الاختيارية، كحفظ القرآن الكريم، أو الخضوع لمسابقة في كتاب، فهذه يجب تقديمها منذ بداية العام، عبر كتيب يوزع مع المقررات.
كما اقترح تحويل مسمى التوعية الإسلامية إلى الشؤون الإسلامية، لتقدم دوراً شمولياً في مفهوم مهامها، فهي ليست توعية فقط، بل تقدم العديد من البرامج الإسلامية، وليجد الطالب واقعا مدرسيا يحاكي الواقع المشاهد، فكما يسمع عن وزارة الشؤون الإسلامية ومهامها، سيجد في مدرسته عناية تامة بالمصلى والمصحف والبرامج الأخرى.
المساحة أقل من التطلعات والمقترحات، وفق الله اللجنة في مهمتها، وأعان الله الوزير على مهامه.