مثلما أربكت الأحداث الأخيرة الأوضاع السياسية والعسكرية في العراق، تربك تناقضات الأخبار والقصص الإخبارية التي يرسلها المراسلون الصحفيون المتلقون وحتى غرف الأخبار في المحطات الفضائية والصحف الورقية، فكل فريق يدعي الانتصار، وأصبحت (البروكندا) الصحفية هي السائدة، ومع أن الأوضاع على الساحة العراقية تقريباً ثابتة، لم تتحرك الوحدات إلا وفق الأسلوب القتالي الذي ينتهج فيه المقاتلون والوحدات التي تشارك في المعارك، وهو أسلوب الكر والفر، وخاصة وحدات ثوار العشائر والكتائب المتحالفة معها، والتي أبدت استعداداً لامتصاص زخم اندفاع قوات المالكي التي تعتمد على مبادىء الحشد وتكثيف المقاتلين الذين ازداد عددهم بعد دعوات (الجهاد الطائفي) التي أطلقتها المرجعيات الشيعية، ولكن برغم من هذه الكثافة والاعداد التي انضمت إلى قوات الحكومية إلا أنه زاد عبء قيادة تلك القوات، فهؤلاء وان اتسموا بالحماس إلا أنهم تنقصهم الكفاءة، وهو ما يجعلهم أهدافاً سهلة لمقاتلي ثوار العشائر الأكثر خبرة وتدريباً ومعرفة بمسالك أراضيهم ومناطقهم، ولذلك فهم وان أخلوا بعض المناطق التي احتلتها قوات المالكي إلا أنها سرعان ما تعود لتلك المناطق التي يدعي كل من طرفي القتال بأنهم حرروها رغم أن كلا القوتين عراقيتان..!!
الشيء الآخر الذي تحاول قوات المالكي الاستفادة منه، هو اشتراك عدد من طائرات السوخوي التي استقدمت من ايران ويقودها طيارون ايرانيون لندرة طيارين عراقيين يجيدون الطيران على هذا النوع من الطائرات، إذ إن الطيارين العراقيين السابقين جميعهم قد أبعدوا وفق قرارات تصفية الجيش العراقي السابق، ولا يرى الخبراء العسكريون تأثيراً قوياً لهذه الطائرات على وقف تقدم ثوار العشائر، لأن معارك الكر والفر لا تعتمد على تواجد قوات كبيرة تكون أهدافاً سهلاً للطائرات المقاتلة، إلا أن الخبراء بدؤوا يتخوفون من قيام هذه الطائرات بتدمير البنية الأساسية في المحافظات السنية حيث لاحظوا قيام هذه الطائرات بتدمير الجسور والمباني الاستراتيجية والهامة والطرق وغيرها من التي تحتاج إلى أعوام لاصلاحها، وهذا يشير إلى أن المالكي وحلفاءه الايرانيين لا يريدون أن يقيم السنة إقليماً خاصاً بهم دون أن يكون إقليماً مدمراً لا يشكل تهديداً أو مزاحمة لهم في المستقبل.
الشيء الذي بدأ يتأكد منه المراقبون هو أن تقسيم العراق آت لا محالة له، فإما أن يكون تقسيماً فدرالياً ترسم حدوده الجغرافية على الأرض، أو أن تستمر المعارك إلى فترة طويلة قد تتجاوز العام، في ظل تعنت نوري المالكي واصراره على البقاء رئيساً للحكومة العراقية للمرة الثالثة رغم رفض أغلبية العراقيين له.