شرعت الشركة السعوديَّة للخطوط الحديدية (سار) الأسبوع الماضي في تشغيل قطارات البوكسايت لنقل خامه من مناجم البعيثة في منطقة القصيم إلى مرافق المعالجة والتصدير في مدينة رأس الخير التعدينية على الخليج العربي ضمن خطّ يبلغ طوله حوالي 600 كم تقريبًا. قطارات البوكسايت التي يتم تشغيلها حاليًّا تتكون من قاطرتين واثنتين وتسعين عربة سعة كل منها 100 طن وبطاقة استيعابية إجماليَّة قدرها 9200 طن للقطار حيث من المقرر أن ترفع الشركة عدد العربات إلى 120 عربة بطاقة استيعابية إجماليَّة قدرها 12 ألف طن للرحلة الواحدة.
كما يتم تحميل البوكسايت (على شكل صخور) آليًّا من الأعلى خلال عبور القطار بسرعة بطيئة تتيح تعبئة العربات بالصورة الصحيحة ومن ثمَّ ينطلق القطار باتجاه معامل المعالجة لشركة معادن الألمنيوم فبرأس الخير ليقوم بعملية تفريغ حمولته عبر بوابات سفلية لعربات النقل التي تفتح بشكل آلي على التوالي فيما بينها عند مرورها فوق أحزمة النقل حيث يلزم تنفيذ كل من العمليتين لكامل هذه الحمولة الضخمة قرابة الأربع ساعات فقط.
وستزيح قطارات البوكسايت خلال الرحلة الواحدة أكثر من 480 شاحنة عن الطريق البري بين البعيثة ورأس الخير وهو ما يعني رفعًا لكفاءة استغلال الموارد الطبيعيَّة لإنتاج الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية الضارة للبيئة إضافة إلى خفض نسب الحوادث على الطرق العامَّة والتقليل من استهلاك بنيتها التحتية ما يعني زيادة عمرها الافتراضي.
تكمن أهمية خام البوكسايت لاحتوائه مادة الألمونيا المكون الرئيس لمعدن الألمنيوم الذي يدخل في صناعات عديدة أهمها الطائرات والسيَّارات ومواد التغليف والبناء والتشييد وغيرها.
كما يأتي تشغيل شركة (سار) لقطارات البوكسايت في هذه الفترة تزامنًا مع بدء شركة معادن للألمونيوم إنتاجها التجريبي دعمًا لهذه الصناعة ولا سيما أن شركة معادن للألمونيوم تستهدف طاقة إنتاجيَّة قدرها 380 ألف طن من صفائح الألمنيوم سنويًا.
الإحصائيات تؤكد أن احتياطيات المملكة من هذه المادّة الخام في المناجم تكفي لأكثر من 50 سنة قادمة وهو ما يبرز الجدوى الاقتصاديَّة للخطوط الحديدية كأحد الحلول الإستراتيجية للنقل بالمملكة.
هذا ما صرح به رئيس مجلس إدارة الشركة الأستاذ منصور بن صالح الميمان الذي قال: «الوفاء بالتزامنا تجاه شريكنا الإستراتيجي شركة معادن كان أحد أبرز أولوياتنا».
كما نوّه الميمان بأن العمل لاستكمال تشغيل هذا الخط قد تَمَّ بشكل متوازٍ مع استيفاء معادن للألمونيوم لمرفقها في كلِّ من البعيثة ورأس الخير. وحول قدرة سار على مواكبة احتياج النقل لشركة معادن للألمونيوم أوضح رئيس مجلس إدارة (سار) بأنّهم ومعادن يستهدفون نقل 3.5 مليون طن من هذا الخام سنويًّا كما أن أسطول الشركة من عربات البوكسايت البالغ 240 عربة قادر على تحقيق هذا الهدف ومتى ما دعت الحاجة وتوفرت الجدوى الاقتصاديَّة فلن تتأخر سار عن زيادة عدد هذه العربات.
في ختام تصريحه أوضح سعادته بأن كمية الفوسفات الخام التي نقلتها شركة سار عبر قطارات الفوسفات من مناجم حزم الجلاميد في منطقة الحدود الشماليَّة إلى مجمَّعات الصناعات التحويلية التابعة لشركة معادن للفوسفات في ميناء رأس الخير على الخليج العربي عبر خطّ يبلغ طوله 1.392 كم من مايو 2011 م تقترب حاليًّا من 5 ملايين طن.
الأستاذ عبد الرحمن بن محمد المفضي أمين عام صندوق الاستثمارات العامَّة - الذراع الاستثماري لوزارة الماليَّة والجهة المالكة لشركة سار - أعرب هو الآخر عن سعادته وفخره لما حققته سار على مستوى التشغيل لخط التعدين مؤكِّدًا على أهمية الخط وما يلعبه من دور محوري في دعم صناعة التعدين التي باتت الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.
كما نوّه بالعوائد المنتظرة من الخطوط الحديدية في دعم الاقتصاد الوطني على كافة المستويات والأصعدة.
في هذا السياق قال أيْضًا: «يصعب في هذه العجالة عرض كافة العوائد المرتقبة للخطوط الحديدية، فمن تقديم خدمات النقل الثقيل للصناعات الكبرى للتعدين والبترول والبتروكيماويات إضافة إلى دعم قيام استثمارات جديدة في المدن الصناعيَّة التي تشرف عليها هيئة المدن الصناعيَّة في مختلف المناطق. مرورًا بخلق موارد ماليَّة جديدة من خلال ربط موانئ المملكة على البحر الأحمر والخليج العربي ببعضها وتفعيل دور الموقع الإستراتيجي على مستوى الشرق الأوسط في زيادة الاستفادة التجاريَّة من الموانئ بما يدعم الاقتصاد الوطني. المملكة ستكون همزة وصل بين كل من البضائع القادمة من أوروبا وأمريكا ومختلف الأسواق في دول الخليج العربي وبضائع ومنتجات دول الشرق الآسيوي ومختلف الأسواق في دول الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا من خلال تقليص المدة الزمنية لنقل البضائع عبر الخط الحديدي إلى مدة تتراوح بين يومين إلى ثلاثة أيام مقارنة بالنقل البحري الكامل عبر البحر الأحمر وبحر العرب التي تتراوح مدته بين سبعة وعشرة أيام إضافة إلى خفض التكاليف العالية المترتبة على التأمين.
يضاف إلى ذلك تحقيق الوفر في استهلاك 75 في المئة تقريبًا من الوقود المستخدم في الشاحنات حاليًّا والمدعوم من الدَّوْلة لتحقيق عائد اقتصادي كبير منه في حال تَمَّ تسويقه خارج المملكة. وانتهاء بما سيضيفه دخول هذه الصناعة إلى المملكة من حيث إيجاد فرص عمل واعدة للشباب السعودي».
وفي ختام تصريحه قدم أمين عام صندوق الاستثمارات العامَّة ونيابة عن جميع منسوبي صندوق الاستثمارات العامَّة وشركة سار أسمى آيات الشكر لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز على دعمهما واهتمامهما الكبيرين بمشروعات الشركة وما أولوا إيَّاها من ثقة ومؤكِّدًا في ذات السياق حرص الصندوق ومجلس إدارة شركة سار على مواصلة المضي نحو إنجاز الهدف الذي أسست سار من أجله منوهًا بما يلقاه الصندوق ومجلس إدارة الشركة من تشجيع ومؤازرة من قبل معالي وزير الماليَّة ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامَّة الدكتور إبراهم العساف.