لفت انتباهي خبر نشرته بعض الصحف المحلية، عن حفل إفطار أقامته الجمعية الوطنية للمتقاعدين، والتي ينتسب إليها نحو 29 ألف متقاعد، وهو رقم كبير لعدد ينتمون إلى جمعية، حتى وإن كان عدد المتقاعدين في المملكة يصل إلى أكثر 640 ألف متقاعد، وما لفت انتباهي أنّ هؤلاء رفعوا 12 طلباً للمقام السامي، تبدو كلها طلبات مشروعة ومنطقية تهدف إلى الحفاظ على كرامة هؤلاء المتقاعدين، كي لا يضطرهم شظف العيش إلى التسول، أو العمل في وظائف متواضعة، بحثاً عن دخل إضافي يواجهون به الارتفاع العام لمستوى المعيشة!
فما أسوأ أن تضطر الحاجة عسكرياً متقاعداً، كي يعمل حارساً لبنك، أو موظف أمن في أحد الأسواق التجارية، ولو كانت هناك دراسة دقيقة، من قِبل مؤسسة التقاعد، لما اضطر هؤلاء إلى البحث عن دخل مساند، في وقت كان المنتظر أن يقطف راتباً جيداً، يكفل له حياته وعائلته.
ولعل من المطالب المنطقية التي رفعها هؤلاء، هو إعفاؤهم من الرسوم المفروضة عليهم، خاصة فيما يقع ضمن اختصاص وزارة الداخلية من التأشيرات مثل رسوم الجوازات ورخص القيادة والإقامات، وكذلك منحهم خصومات جيدة في النقل العام، سواء الطيران، أو الخطوط الحديدية، هذه المطالب يمكن تحقيقها، لكن الصعوبة هي في رفع الحد الأدنى للراتب التقاعدي إلى 4000 ريال، وكذلك المطالبة بعلاوة سنوية لمواجهة التضخم وغلاء الأسعار... وحين أقول إن تلك مطالب صعبة ومعقدة، فأنا أستعيد نقاش مجلس الشورى قبل أكثر من شهرين، حول احتمال إفلاس صندوق التقاعد العسكري عام 2023م والتقاعد المدني عام 2037م.
فإذا كان هذا الصندوق معرّض للإفلاس بعد نحو تسع سنوات بالنسبة للعسكري، ثلاثة عشر عاماً للمدني، وهو يعمل في حدود إمكاناته المالية المتاحة، دون أن يتحمل عبء رفع الحد الأدنى للتقاعد، ودون تحمل عبء علاوة سنوية لأكثر من 640 ألف متقاعد، بمعنى أنه لابد من تنظيم عمل المؤسسة مالياً بشكل جيد، وتنظيم استثماراتها بما يضمن نمو دخلها وأرباحها السنوية، وبالتالي القدرة على ضمان استمرار الصندوق وعدم تعرّضه للإفلاس، وكذلك تحقيق الكفاءة المالية المناسبة، لتحقيق طموحات وآمال هؤلاء المتقاعدين.
أتمنى ألا يفهم من مقالي هذا أنني لا أناشد بتحقيق كل مطالب المتقاعدين، ولا أتمنى ذلك، بل إنني آمل أن تتحقق كاملة، لكن المنطق الحسابي والرقمي، يقول إنّ مؤسسة التقاعد تعاني أمام التزاماتها الحالية، فكيف إذا أضيفت لها التزامات مالية جديدة؟