* لا أدري من أين تسلل لنا هذا الشعور أو هذا التفكير.في كل أزمة أو أحداث خطيرة تحيط بهذه البلاد تبدأ الإشاعات تتوالى وتتحدث عن مكارم ومنح ملكية، إما بزيادة الرواتب، أو مضاعفتها خلال شهر، أو أي لون من ألوان الدعم، حتى اعتبر ذلك ترضية، أو نوعا من كسب الولاء والانتماء،
* لا أدري من أين تسلل لنا هذا الشعور أو هذا التفكير.في كل أزمة أو أحداث خطيرة تحيط بهذه البلاد تبدأ الإشاعات تتوالى وتتحدث عن مكارم ومنح ملكية، إما بزيادة الرواتب، أو مضاعفتها خلال شهر، أو أي لون من ألوان الدعم، حتى اعتبر ذلك ترضية، أو نوعا من كسب الولاء والانتماء، وكأن من يتولى الأمر هو الذي أسهم، أو تسبب في تلك الأزمات أو الأحداث!! أو كأن تلك الهبات هي التي ستديل عنهم وطأة الأحداث، أو تخفها عنهم حين وقوعها لا قدر الله، بل أننا وللأسف نجد من ينتهز ذلك لتشويه صورة بلاده خارج الحدود، متخذا ذلك وسيلة من وسائل الابتزاز. هذه العادة التي ألفناها مع كل طائف من طوائف الأزمان هي في الواقع جديرة بأن نسعى إلى تغيير مفاهيمنا وتفكيرنا في العيش، وفي الحياة أمام كل حدث جسيم يستحوذ على اهتمامنا.
* في السنوات الثلاث الأخيرة الكل يجمع أن منطقة الشرق الأوسط تمر بأحداث جسام مدعاة للقلق، لم تمر بها هذه المنطقة من قبل وفي القرنين الماضيين على أقل تقدير، وإذا كان التاريخ قد رصد أحداثا أخرى، في حقب مختلفة فإن وسائل القتل والتدمير لم تكن بمثل ما نحن عليه الآن.هذه الأحداث المعاصرة لم يسلم منها قطر من الأقطار إلا ما كان من شأن دول الخليج التي استطاعت، وبتضافر القيادة مع شعوبهم النأي بها عن معترك الأحداث خلا ما نجده من صراع فكري وثقافي محموم، نتجاوز فيه الحدود في بعض الأحيان.
* السؤال الذي يطرح نفسه ؟هل الشعوب في هذه المنطقة تدرك كل الإدراك المخاطر التي تحيط بها، أو تعي الواقع من حولها، وتتأهب لما قد يمر بها في المستقبل؟ ولا أعني بذلك الوعي والإدراك الذي لا يتجاوز العلم والإحاطة والمعرفة بالأخبار والحوادث ومواقف بعض الدول أمام الأزمة. هل تلك الحوادث تقودنا للتفكير إلى ما هو أبعد في التفكير بأسلوب حياتنا، وطرائق معيشتنا؟
* الوطن للجميع، والمحافظة على ثرواته وممتلكاته ومكتسباته الحضارية مسؤولية الجميع، وأي اختلال في الأمن أو اضطراب، فالجميع سيكون ضحية التخاذل.
* في الأزمات من الواجب على الشعوب قبل الحكومات إعادة النظر في أسلوب حياتها من جميع الجوانب، التربوية، والاجتماعية، والاقتصادية، والوطنية، نحن للأسف نصنف من الشعوب المستهلكَة والمستهلِكة التي سلمت أو كادت أن تسلم زمام تدبير المعيشة الخاصة بها لغيرها، وأمسينا نعيش حياة فيها شيْ من الاتكال على الغير، ونشأت الناشئة على تلك التربية إلا ماندر.
* إدارة الأزمات من قبل السلطات المختصة علم حديث قائم بذاته، يهتم برصد المتغيرات والمستجدات، ويحللها، ويدرس مكوناتها، ويختار لها أفضل الحلول على المدى القريب أو البعيد لكنه لا يملك تلك الرؤية العميقة الحديثة، المستشرفة للمستقبل بكل ما يحمل من مفاجآت، ومن هنا تصبح المبادرات في هذا الجانب فردية ومحدود تفتقر إلى الدعم والتنظيم وتبنيها كعمل مؤسسي، لكي لا يكون البناء هشا يسهل اختراقه وتقويضه، ولهذا تجد أننا نلتفت إلى الوعاظ ونستنهض عزائمهم، لتقديم جملة من النصائح التي ربما لا تجد ذلك القبول، ولا تقود المجتمع إلى بر الأمان الذي ينشد في مثل تلك الظروف.
* ليس لدينا ذلك التحصين الكامل من الإشاعات، ومن السهل جدا تمريرها على فئات كبيرة من المجتمع في مثل تلك الظروف.ليس لدينا كذلك ثقافة الترشيد في الاستهلاك التي تحتاجها المجتمعات في ظروف معينة، لكي تتمكن الدولة إلى توجيه إيراداتها ومدخراتها إلى ما هو أهم، ليس لدينا تلك الإرادة القوية على تربية الاستقلال والاعتماد على الذات، الإيمان أن العصر لا يعترف باللغة الدبلوماسية التي تحولت إلى سلوك موهن للعزائم، مثبط للهمم، قاتل للطموح.