ما نشاهده يومياً من ممارسات عنيفة تنطلق من بيوت غير مستقرة لا تمت لديننا بصلة، ولا تمت أيضاً لأخلاقياتنا كمسلمين خاصة أن كثيرا من تلك الممارسات لا يقبلها لا دين ولا عقل ولا يتحملها قلب بشر، وبالذات عندما تصدر من أصحاب أجساد يعيشون مع بعضهم البعض، لكن قلوبهم كارهة لبعضهم البعض، وعقولهم تُدبر لأذية المقربين منهم وخاصة نساءهم اللاتي يعشن ما بينهم، وبالذات لدى تلك الأسر المفككة زواجياً!
فالكثير من أرباب هذه الأسر يتشدق بإسلامه الذي هو براء من سلوكياته، لأن الازدواجية ما بين المُعتقد والسلوك يشير إلى نذير شؤوم بشأن سلوكيات الجيل القادم، والذي قد يكون ضحية لنزاعات ارهابية مابين النموذجين الأساسيين في حياته منذ طفولته المبكرة ألا وهما (الأبوين) فالطفل عندما يصحو على مشاحنات ومنازعات ودعاوى في مراكز الشرط والمحاكم مابين والديه وبسبب الفوز بحضانته أو زيارته الكلية، فإنه يظل مصدوماً في أقرب الناس لديه لأنهما وضعاه رغماً عنه في ساحة لانهاية لها من التهديد وعدم الإحساس بالأمان النفسي، والحرمان العاطفي ! فهذا التهديد والترهيب الذي يواجهه الأطفال خاصة من آبائهم المنفصلين عن أمهاتهم من أسوأ أنواع (الإرهاب) وأخطره على النشء الحالي، لأنه لن يُقدِم للمجتمع إلا شخصيات مضطربة نفسياً وفكرياً وسلوكياً، فهذا الإرهاب الأُسري من بعض الآباء المتمثل في حرمانهم لأطفالهم لأبسط حقوقهم كمثال: (حرمانهم من زيارتهم أو بقاءهم لدى أمهاتهم ) والاستئثار بهم لوحدهم لشهور أو لسنوات، والسعي لتشويه صورة الأم في ذهنهم، واتهامها في أخلاقياتها وقدراتها العقلية، بهدف أبعادهم عنها، لن يتوقف إلا بتجريم هذه التصرفات اللاإنسانية وتغليظ العقوبات بشأنها حماية لهؤلاء الأطفال المضطهدين! لأن هذه النماذج الإرهابية من الآباء لاينفع معها إلا العقوبات المشددة لتجاهلها لتطبيق الشرع الذي يحمل توجيهات عظيمة قائمة على تنظيم المجتمع المسلم على أساس التكافل والتراحم، وعدم هضم حقوق الضعفاء، وحفظ حقوق الأرامل والمطلقات، والتعامل معهن بالمعروف، وعدم طردهن من بيوتهن لمجرد لفظة الطلاق للمرة الأولى أو الثانية،وهذا ماتحمله سورة الطلاق من توجيهات عظيمة لحماية المطلقات وتحقيق الحياة الكريمة لهن، لكن للأسف لاحياة لمن تنادي مع كثير من المُطلقين الذين ينقلبون إلى وحوش تجاه أمهات أطفالهم، ويتجردون من دينهم وإنسانيتهم عندما يطردون طليقاتهم ليلاً بدون رحمة، ويسلبونها حقها الشرعي في أمومتها، مما يدفعها الحال المؤسف للجوء لمراكز الشرط للبحث عمن يحميها أو إلى المحاكم التي مازال قضاتها للأسف الشديد لاينظرون لمصلحة الطفل الفضلى بسهولة، بل لمصلحة الأب الدنيا!
لذا لاتستغربون تلك النماذج الإرهابية في جيل الشباب التي تلقي بأرواحها في التهلكة، لأنها بلاشك نتاج لطفولة مُعذبة ومضطهدة عانت خلالها سلسلة من الإرهاب النفسي الذي قدمها لمجتمعها بدون إرادة منها، خالية من التقدير والانتماء المجتمعي!!