الذكرى والأطلال ورسوم الماضي وأماكن الأمس والذكريات المستقرة في الذاكرة مُلهمات تغذي مواهب الكثير من الشعراء بالقصائد بل قد تكون الخزان الأكبر الذي يمد قرائح الكثير من الشعراء بالقصيد الجميل العابق بالحنين والغدير الأعذب الذي تمتح منه إبداعات أهل القصيد.
يقول امرؤ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ِ
بسقط اللوى بين الدحول فحوملِ
ويقول طرفة بن العبد:
لخولة أطلال ببرقة ثهمدِ
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ
هكذا كان الوقوف على الطلل والبكاء أمام ما بقي من المنزل أو الحي أو القرية أو أي مكان سكنه المحبوب هو الفاتحة والملهم للقرائح منذ أن بزغت شمس الشعر !. إنه رأس القصيدة وسنامها وبعد الوقوف يهيم الشاعر بما شاء أن يهيم به بعد أن وجد المفتاح لموهبته وأشرع الباب الكبير لماض يحبه ويعشقه ويجد نفسه فيه!.
ويقول قيس بن الملوح:
أمر على الديار ديار ليلى
أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
ومن سكن الديار.. هي الشمعة التي تضيء كوامن النفس وتستدعي الموهبة للحضور الفخم الذي يليق بمن كانوا هنا.. في الديار أو أطلال الديار.. ومن سكن الديار هي الستار المزاح عن ذكريات باسقة وأمنيات شاهقة لن تعود.
ستظل الأطلال مرتع خصب للشاعر العربي يلجأ له كل ما ضاق بحاضره وعجز ما حوله ومن حوله عن استيعابه.
خطوة أخيرة:
لـ(عبدالله السلوم) رحمه الله:
باقي من الذكرى رسوم ٍ للأطلال
هوج الرياح العاتية ما محتها
أظنها تبقى على مر الأجيال
تفيد عن قدرة يدين بنتها