أوضح رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة لـ«الجزيرة»: أن هناك توقعات وليس معلومات رسمية، بأن المملكة قد بدأت فعلاً في تنويع مكونات احتياطاتها التي كانت تشكل فيها السندات الأمريكية خلال السنوات الماضية نسبة كبيرة»، مفيداً إن الستة أعوام الماضية وتحديداً منذ الأزمة المالية العالمية، أثبتت للجميع بأن الارتباط بالاقتصاد الأمريكي لم يعد أفضل الخيارات التي يمكن اللجوء إليها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي بشكل عام. وقال الدكتور عبد الله الأحمري: إن المملكة يقظة لما يحدث حولها، وهي تدرك جيداً بأن العالم مقبل على مرحلة جديدة وغير واضحة المعالم؛ إذ إن سندات الحكومة الأميركية لم تعد الملاذ الآمن، وهي تتجه فعليا نحو تنويع استثماراتها كما يبدو من خلال وضعها لمحور الصناعة كخيار إستراتيجي للتنمية المستدامة. وأكد أن تصريحات رئيسة البنك الفيدرالي الأمريكي جانيت يلين، جاءت تكراراً لما صرحت به في اليوم السابق ، عندما قدمت ملاحظتها أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الأمريكي، حيث اتفق الأحمري مع يلين في أن تعافي الاقتصاد الأمريكي لم يكتمل بعد على الرغم من التحسينات الأخيرة، مبيناً أن التباطؤ الملحوظ في سوق العمل الأمريكية مازال موجوداً خاصة في ظل وجود العديد من الأمريكيين وفقا للبيانات الرسمية يعانون من البطالة.
ولفت إلى أن التوقعات بإمكانية رفع أسعار الفائدة في وقت مبكر عن المقدر من قبل لجنة الاحتياطي الفدرالي حالياً أمر لا يمكن التنبؤ به، خاصة وأن المؤشرات لا تدل في الوقت الحالي على إمكانية حدوث ذلك ما لم يكن هناك مفاجآت غير محسوبة وتحدث بشكل سريع وقادر على تحسين وضع التوظيف بطريقة فاعلة وعاجلة، وهو أمر مستبعد نسبياً.
وحول ما إذا كان لتصريحات رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي الأخيرة من تأثيرات على السوق العقاري السعودي، قال الأحمري: «السوق السعودي ملاذ آمن للمستثمرين، وهو في منأى تام عن أي أزمات عالمية أو تأثيرات اقتصادية قد تشهدها أي دولة أخرى، حتى ولو كان ذلك متعلقا بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي يرتبط الريال السعودي معها في عملتها». واستدرك قائلاً: «المملكة لم تصل حتى الآن إلى مستوى القلق من أرقام التضخم مقارنة ببعض الدول، لكون الريال السعودي لا يزال يحتفظ بقوته أمام العملات الأخرى، ولكن ما نرجوه فعلا اليوم، هو أن يتنبه التجار إلى أهمية عدم استغلال الأوضاع الاقتصادية الجيدة التي تعيشها المملكة من خلال رفع أسعار العقار أو بشكل عام أسعار بعض أسعار السلع وخاصة الأساسية منها». وأردف الأحمري: «هذا لا يعني عدم تخوفنا، نحن اقتصادنا قوي ومتين وصامد أمام الأزمات كما رأينا خلال عدة أزمات مضت، ولكن رفع أسعار الفائدة سيؤثر بطبيعة الحال على السوق العقاري لدينا وعلى جميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى»، لافتاً إلى إن أسعار الفائدة على منح الائتمان والإقراض المصرفي طالما بقيت منخفضة في الدول الخليجية، فأنها تعد سبباً رئيسياً في تحفيز النمو الاقتصادي بهذه الدول، وبما ينعكس أثره على زيادة أسعار الأصول العقارية وارتفاع مؤشرات البورصات وأسواق المال وقيم أسهم الشركات إلى مستويات قياسية. وأشار الأحمري إلى إن سوق العقارات السعودية إن ارتفعت نسبة الفائدة في الوقت الحالي لن تؤثر عليه بشكل ملموس من حيث إمكانية زيادة الأسعار، خاصة وإن السوق منذ نحو عامين وهو يكابد ويحاول الصمود أمام عملية التصحيح التي طالت المناطق الواقعة على أطراف المدن، وباتت تتجه نحو مواقع أخرى بعيدا عن تلك الواقعة في مناطق تجارية مرغوبة. وأضاف: «عملية التصحيح العقاري أسهمت الدولة في تحقيقها من خلال تبنيها لعدة مشاريع سكنية سواء من خلال وزارة الإسكان أو أمانات المدن، وهي السياسة التي نرى أنها جاءت في الوقت المناسب، خاصة وأن أسعار المساكن في المملكة بشكل عام، وأسعار بعض المناطق بشكل خاص من حيث قيمة الإيجار، لم تعد في تلك الحدود التي تستطيع مجاراتها أو الإيفاء بها من قبل من يعيشون في الطبقة المتوسطة والذين تتراوح مرتباتهم بين 120 - 180 ألف ريال سنويا».