الحوادث المؤلمة، هي ما تكشف الحقائق الخفيّة في غالب الأمر، مرّت على بلادنا في الحقبات القريبة الماضية، بعض الحوادث، سواء كانت في الرياض أو الخبر، كان طرفها الحقيقي، بعض المواطنين، ممن صنّف بالفئة الضالة، وتكررت بعض تصرفاتهم العدوانية، اكتوى الوطن بنار شرها، ومع تصاعد تطرفهم، وغياب عقولهم، ونحن نراهم هنا وهناك في الداخل وفي الجوار، أثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك، أنهم أحفاد (ذو الخويصرة) الذي ولًد ما عرف بالتاريخ الإسلامي، بالخوارج في عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ومعاوية رضي الله عنهما، وبعد القضاء على شر هذه الفرقة، وحكم علماء السلف عليها بالخروج على منهج أهل السنة والجماعة، من عدة عقائد فاسدة، لم يعد للخوارج ذكر، عدا ما تتناوله كتب التاريخ والعقائد عنهم من باب بيان ضلالهم وفساد معتقدهم، لكننا نراهم في حقبتنا المعاصرة، يطلون علينا، بنفس ثوب خوارج ذي الخويصرة، ويحذون منهجهم، حذو القذة بالقذة، رأيناهم من خلال الفئة الضالة لدينا أو من خلال ما عرف بتنظيم (داعش) و( وجبهة النصرة) وجاءت حادثة منفذ الوديعة بشرورة، لتؤكد فاعلية منهج الخوارج . الشرذمة الفاسدة التي ارتكبت جرمها في وضح النهار، غيلة، تؤكد إصرار أحفاد (ذي الخويصرة) بتنفيذ أجنداته، بثوبها المعاصر، المواطنون بمختلف شرائحهم، استنكروا الحادثة، أيما استنكار، وتيقنوا خطورة المخطط (الخوارجي) على الوطن، وهذا أمر محمود وغير مستغرب من أبناء هذا الوطن، لكن ثمة من وقف موقف المتفرج، لم يدل بدلوه، لكنه جسّد موقفه العكسي، الذي يجب أن لا يمر مرور الكرام من الجهات المختصة، عقب حادثة شرورة المؤلمة، التي راح ضحيتها أربعة من مواطني هذا البلد في هذا الشهر الفضيل، نحتسبهم شهداء عند ربهم يرزقون، وجهّت دعوتي الملحة عبر «تويتر» أناشد فيها وزارة الشئون الإسلامية، بضرورة أن تحدد خطبة الجمعة التي تلت الحادثة مباشرة، للحديث عن هذه الحادثة، ودوافعها، ومن خلفها، لتحذير الشباب من مغبة الاستماع للأصوات الشاحنة للعواطف، من ما يسمى (بخفافيش الظلام) المندسين بأوكارهم في الداخل والخارج، والحمدلله كانت خطبة الجمعة المعنية، قد تضمنت ما كنت أتوق إليه، وقد استمعت لخطيب جامعنا في جدة، وكم وفق هذا الرجل في طرحة، بعد الصلاة مباشرة أمسكت بيده وشكرته وأثنيت عليه، وباركت الخطوة من أساسها، لكن الذي لم أتوقعه وأصبت بخيبة أمل، عندما أخبرني بأن عدداً كبيراًمن خطباء الجمع، لم يتناولوا هذا الموضوع، باعتباره في منطوقهم أمراً عادياً، رغم توجيه الجهة المعنية (وزارة الشئون الإسلامية) بذلك، لكافة الجوامع بالمملكة، التزمتُ الصمت، حتى قرأت خبراً في صحفنا المحلية، يتضمن أن وزارة الشئون الإسلامية، كلفت (13) لجنة لملاحقة (100) خطيب، للتحقيق معهم، لإسقاطهم ما أسمته «جمعة الوديعة» وتقول الوزارة أنها بصدد تجاوز مرحلة «المجاملة والمحاباة!!» مع أئمة المساجد والخطباء، الذين يخالفون نهجها، فيما يخص قضايا الأمن الفكري والإرهاب، اختيار الأئمة والخطباء يجب أن يكون من بين المعتدلين في طرحهم؟ حتى لا يأتي لها من هب ودب ونعق، ليصعد منبر الجمعة، ويعلي صوته، صراخاً وبكاء، يستدر بهما عواطف الشباب، ويشحنها لمواقع الإثارة والفتن، ما يعني إخضاع الخطباء لاختبار دقيق يقوم أساسه على الوسطية والاعتدال، وإبعاد كل من يشتبه فيه، أنه من أصحاب الفكر الشاذ والمتشدد، منبر الجمعة وسيلة إعلام خارقة، ومؤثرة، لذا ترى هؤلاء المتشددين، يحرصون على الظفر بها أكثر من حرصهم على برنامج إذاعي أو تلفزيوني أو محاضرة هنا وهناك، وعلى وزارة الشؤون الإسلامية أن تكبح جماح بعض الخطباء المفوهين، الذين يشحنون عواطف الدهماء والرعاع، ولم يلقوا بالاً، لتعاميمها، وتوجيهاتها، وأقرب مذكور «جمعة الوديعة»، غاية هذا المقال هو أن تلتفت هذه الوزارة، بكل جدية، وتركز على هؤلاء المتشددين، الذين لا يعبأون بأمن الوطن، ويعشقون الدماء، وتبعدهم عن منابر الجمعة، وتعتني باختيار المخلصين المعتدلين، الوطن خط أحمر، يتهاوى أمامه، كل ناعق، ومتشدد، ومتحرر، شاذ الطرح... والأمل بمعالي الوزير والمسؤولين بالوزارة كبير..
ودمتم بخير.