يرتاد أهالي منطقة تبوك هذه الأيام الأسواق الشعبية المنتشرة في تبوك، وفي مقدمتها سوق (جادة الأمير فهد بن سلطان) الذي تمتلئ أركانه بأجواء شهر رمضان المبارك حيث الأكلات الرمضانية المختلفة، وعروض البسطات التقليدية التي تعج بمستلزمات الأسرة المناسبة لرمضان والعيد. وتقع الجادة في وسط منطقة تبوك، وتمتاز بقربها من المواقع الأثرية في المنطقة، وأهمها (عين السكر) الشاهد الأثري على غزوة تبوك, وقلعة تبوك الأثرية. وقال عضو مجلس الشورى سابقاً والباحث في إرث منطقة تبوك الدكتور مسعد العطوي: إن السوق له طابعه الخاص في نفوس أهالي منطقة تبوك؛ إذ يعرض فيه مختلف البضائع التي تلبي حاجتهم، وبأسعار مختلفة في متناول الجميع. وأفاد الدكتور العطوي بأن الجادة التي كانت تسمى قديماً بالشارع العام كانت سوقاً مفتوحاً، يُباع فيه المواشي، والحطب، والسدو، والخيام، إلى أن أمر صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبد العزيز أمير منطقة تبوك بإقفال السوق ورصفه من جديد عام 1409هـ، وتولت أمانة منطقة تبوك حينها عملية تنظيم السوق والإشراف عليه حتى وقتنا هذا. وأكد عدد من باعة «الجادة» عراقة السوق وقدمه. وأشار العم أبو عبدالله، أحد أقدم تجار السوق، إلى أن «الجادة» كانت طريقاً للمركبات وسوقاً للخضار والأغنام، إلا أنها تطورت بعد تولي سمو الأمير فهد بن سلطان إمارة تبوك؛ إذ استحدثت محالها بطراز معماري حديث، يناسب النهضة التي تمر بها منطقة تبوك.
ومن جهته، قال العم فهد المالكي أحد باعة الملابس الرجالية منذ أكثر من 10 سنوات: إن الأجواء الرمضانية في سوق جادة، خاصة في الأيام التي تسبق عيد الفطر المبارك، مختلفة جدًا عن غيرها من الأسواق، نظراً لتوافر جميع أصناف البضائع التي يحرص على جلبها الباعة لتلبية رغبات المتسوقين. وأضاف المالكي: لقد قامت أمانة منطقة تبوك بتطوير المكان بأكمله؛ ليتناسب مع الحياة العصرية، لكنه ما زال محتفظاً ببساطته وأصالته؛ ليصبح مَعلماً من معالم المنطقة. وشاركه الرأي العم عايد البلوي مسؤول أحد محال بيع العود والبشوت قائلاً: إن سوق الجادة يشهد سنويًا في العشر الأواخر من رمضان إقبالاً كبيراً من المتسوقين الذين يبحثون عن مستلزماتهم بأسعار تنافسية، تلبي رغباتهم في شراء المنتجات التي تناسب عيد الفطر المبارك. وأفاد بأنه يبيع في سوق الجادة البشوت بأنواعها، والعود الفاخر من الجابورا والإريان والمركوي، الذي يصل سعر الكيلوجرام منها لأكثر من 50 ألف ريال. كما أنه يبع أنواعاً أخرى من العود، يصل الكيلو جرام منها إلى أقل من 500 ريال. مبينًا أن لديه زبائن دائمين منذ سنوات، يحرصون على اقتناء حاجاتهم من محله سنويًا. وأضاف البلوي بأن سوق «الجادة» منطقة أثرية، تتنفس عبق الماضي بوجه الحاضر، وتجاور أماكن أثرية، يحرص أهالي تبوك وزوّارها على زيارتها بشكل دوري, فضلاً عن أن أبناء الجيل الحالي يحرصون كذلك على التسوّق في الجادة والتبضع مع أهاليهم من منتجاته التي تضاهي بعض ما يُعرض في الأسواق التي تعج بالماركات العالمية. وأبدى مجموعة من المتسوقين اهتمامهم بالتسوق من جادة الأمير فهد بن سلطان؛ إذ يرى أحد رواد الجادة (سعود العنزي) أن المكان يذكّر بالماضي الجميل، موضحاً أنه يأتي إلى «الجادة» بصفة دورية كلما لزمه شيء يقتنيه لنفسه أو أسرته بسبب الأسعار المقبولة فيه. أما المواطن عبد العزيز العسيري الذي يتجول في السوق مع أسرته فقد أفاد بأنه يحرص على التسوُّق بالجادة لشراء مستلزمات الحياة المختلفة نظير تنوُّع معروضات سوقها وأسعارها المعقولة. بينما أكدت زوجته فاطمة العسيري أنها تهتم كبقية النساء في التسوُّق في الأماكن الحديثة، إلا أن الأسواق التاريخية مثل سوق الجادة الذي كانت ترتاده مع عائلتها إبان طفولتها، لها مكانة خاصة في نفسها بسبب تنوع منتجاتها التي تناسب المرأة من الملبوسات والعطور المنخفضة في السعر بالمقارنة مع بقية الأسوا؛ ما جعلت منها سوقاً جاذباً لكل الفئات العمرية.