إن ما يمارسه - الجاحدون- بحق الوطن، من عقوق وجحود ونكران وطيش سياسي وفكري وأخلاقي وتربوي، الذين يحاولـون الانقلاب على الثوابت والمبادئ والأعراف والقيم، منساقون وراء أهوائهم ومطامعهم ورغباتهم الذاتية والجماعية والفئوية والحزبية الضيقة والأنانية لهو أشد أنواع القتل، لقد اندفع هؤلاء إلى إلحاق الأذى والضرر البالغ بوطنهم وعملوا على تشويهه وتصغير قامته ومكانته ودوره السياسي والحضاري، بل أخذوا يتعاملون مع وحدة الوطن وفسيفسائه بمنطق خائب ورؤى قاصرة، إن عبث الجحود الذي يمارسه هؤلاء الجاحدين يفتقد إلى العقلانية والأخذ بأساليب الحكمة، إن مما يؤسف له أن هؤلاء يمارسون الأفك العجيب والبهت الكبير والتزوير الواضح وذلك بحشد الطاقات الشيطانية للإضرار بالوطن والمجتمع، ونحن هنا لن نسألهم عن السبب الذي يدفعهم للجحود والنكران، لأنه ليس لديهم إجابة، ولكن علينا فقط أن نبحث عن تاريخهم وتحركاتهم وطبائعهم وتوجهاتهم وشعاراتهم التي أصبحت معروفة للجميع، إن هوس الجحود الذي يجيده هؤلاء كشف عن عوراتهم وأجنداتهم الخارجية التي تريد إهالة التراب على الجميع وجلب الانكسار على الانكسار، لقد بلغ الغرور والتبجح بهؤلاء إلى درجة الادعاء بأنهم وحدهم الشرفاء والأوصياء على الأمة والأرض! إنهم يؤطرون للأوهام وفق نفوس ناكرة وقلوب جامدة وأرواح جاحدة، إن نكران الجميل للوطن وجحود عطائه من الأمراض الاجتماعية التي أخذت تنتشر وفق صور متعددة، وأشكال متنوعة، لأناس تملك أرواحاً أنانية تعودت على الأخذ ومن ثم النكران والجحود، أن النقص المركب الذي يشعر به هؤلاء هو الذي أعمى بصائرهم عن رؤية الحق وجادة الصواب، إن هؤلاء الجاحدين لا ينفكون يمارسون ألاعيبهم الابتزازية الكرتونية وحركاتهم البهلوانية وفلذكاتهم الخطابية ورقصاتهم العارية، لا هم علماء ولا فلاسفة ولا مفكرون ولا أطباء نفس ولا أطباء تشريح ولا علماء اجتماع، أنهم مشوهون للحقائق والوقائع وناكرون للجميل وجاحدون له، وعندهم انهيار قيم وأخلاق، إن الجحود والنكران الذي يمارسونه آت من قيعان نفوسهم المريضة وأرواحهم السقيمة ومخططاتهم الشريرة، ودوافعهم السرية ونزعاتهم المكبوتة وأوهامهم وأحلامهم وانكسار قيمهم التي يحاولون طفحها إلى العلن، كما تطفح المياه الآسنة إلى السطح بعد انهيار الغطاء الواقي، إن الأعداء يغذون هؤلاء الجاحدين يكدسونهم ويخبئونهم عندهم للعمل بهم كأدوات رخيصة تيد تصنيعهم وتجترهم وتصقلهم كلما أرادت، بعد أن تحول أدمغتهم وذواكرهم إلى مخازن لجحود أوطانهم ونكران خيراتها وفضائلها، وتحويلهم إلى جوقة مرددة كببغاء هرم في قفص حديد، إن القنابل الموقوتة التي تتسم بالجحود والنكران، لا يحملون صفة واحدة فهم من كل جنس ولون، وهم واضحون كالشمس في رابعة النهار وإن حاولوا التدثر والتخفي، إن الوطن يدفع فاتورة الإساءة إليه من قبل هؤلاء الذين استباحوه، واستهلكوا كثيراً من أنعامه وخيراته، دون أن يدفعوا ريالاً واحداً أو حتى هللة واحدة يساهمون بها في رد جميله الكبير عليهم، هذا الوطن الذي أعفاهم من عبء الرسوم والضرائب التي يتكبدها غيرهم في الدول الأخرى وفق مبالغ باهظة وعالية، ومع ذلك نجدهم يجحدونه ويتنكرون له وينتقصون من شأنه ومن عطائه الكبير واللا محدود، بينما يحتفلون بإنجازات البلدان الأخرى التي يحظون بامتيازاتها والقبض منها وإن كانت هذه الإنجازات صغيرة وطفيفة وضئيلة وبالكاد تذكر، لكن يبقى الإحساس بمرارة الجحود والنكران أعمق من الكلام وأبلغ من مفردات الخطاب.