الفـصام، أو الـ»شيزوفرينيا» .. أو( الانفصام العقلي - Schizophrenia) هو مرض مزمن يصيب الدماغ، ويشوه طريقة الشخص المصاب به في: التفكير، التصرف، التعبير عن مشاعره، النظر إلى الواقع ورؤية الوقائع والعلاقات المتبادلة بينه وبين المحيطين به.
وهو المرض الأصعب من بين جميع الأمراض النفسية.
نعاني في إعلامنا كثيراً من هذه الـ»شيزوفرينيا»، وبسبب هذه المعاناة فقد الكثيرون ثقتهم في أداء ومصداقية الإعلام المحلي والمنتسبين إليه.
قبل أن أستفيض، يجدر بي أن أشير إلى أن النطق الصحيح هو «سكيزوفرينيا»، وتعني المرض العقلي، الفصام، حيث تعني «سكيزو» انفصام، و»فرنيا» النفس أو الروح.
يحذر الكاتب والباحث المصري هشام ربيع مؤلف كتاب « شيزوفرينيا الإعلام»، والذي يتحدث عن دور الإعلام في توجيه الرأي العام وتعبئته ضد رأى أو فكرة، وقدرته في نفس الوقت على تعبئة نفس الجمهور ضد نفس الفكرة، وهو ما يضرب دور ومصداقية الإعلام في مقتل، من خطر هذا المرض على مجتمعنا، ويمارس دوراً توعوياً في هذا الجانب.
نماذج
حضر « تويتر « فأسهم بتسارع مفيد في تعرية عقول وشخصيات وكشف اللاعبين على الحبال وفق مصالحهم.
فهذا كاتب اجتماعي يتفنن ، هذه الأيام، في توزيع تهم الفساد على الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتحاد الكرة بعد بيع حقوق نقل الدوري السعودي .. بينما كان يغط في سبات عميق، أو أنه يتظاهر بالنوم عندما مررت منحة بيع الحقوق للقناة الرياضية السعودية دون مزايدة تذكر!
وهذا أعلامي ينظر في عديد القضايا منادياً بالموضوعية، ومتشدقاً بالمهنية، ودون مقدمات يوقع عقداً كناقد حصري لبرنامج رياضي، ضارباً بمبدأ تعارض المصالح عرض الحائط .. ليرهن منصبه وشعاراته عند تلك المحطة!
وهذا إعلامي يقول إنه «ثقيل» في المبدأ لكنه تناقض بزاوية منفرجة، فبعد أن كان بالأمس يمجد سامي الجابر وينتقص من ماجد عبد الله، فجأة انقلب الـ»خفيف» على سامي وأخذ ينعته بأقذع الصفات، ويطبل لماجد واصفاً إياه بالأسطورة الحقيقية!
وهذا آخر، يغرد في أول يومه بالأذكار، ثم ينقلب على نفسه بنشر تغريدات كاذبة تسيء إلى مسؤولي ورموز وجماهير نادٍ كبير دون أي رادع من أخلاق أو دين.
ورابع، يدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي بمعرفات نسائية وهمية للكذب تارة، أو الشتم وأكل لحوم البشر تارة أخرى، أو التعرض لإعلاميين يغيظه نجاهم، ونزاهتهم .. بينما في واقعه يلبس ثوب المصلح الملتزم مطلقاً لحيته، ومدعياً الفضيلة والوقار وهما منه بريئتان، ومثله من يبحث عن «الشرهات» فإن أُعطي طبّل ورقص، وإن مُنع شتم وانتقص!
ومذيع يتشدّق بالقيم، وينتقص من غيره، ويدعي المثالية في علاقته مع والديه وبرّهما، بينما واقعه يقول إنه تجاهل اتصالات والده، وتركه يسقط على قارعة الطريق من إعياء المرض بعد أن اضطر للخروج من بيته إلى المستشفى بنفسه، ولم يوصله إلى هناك إلاّ «هندي» وجده مغشياً عليه، فأنقذه من موت محقق!
وهذا رئيس لجنة بعد أن تمت مكافأته بالمنصب بدأ يدعو للتعاون ونبذ التعصب ويدعي أن قلبه مفتوح، ويديه ممدودتان للجميع، وتناسى أن هؤلاء « الجميع» مازالوا يذكرون تصريحاته وتغريداته قبل أقل من الشهر التي وصف فيها منافسيه بالمتعصبين والأغبياء والفئران، وأنه سيطلق صواريخه عليهم !
وصف رئيس الشباب السابق خالد البلطان بعض هؤلاء بـ»الكلاب المسعورة»، والآن يصفهم رئيس الهلال الأمير عبد الرحمن بن مساعد بـ»السفلة» وطلاب الشهرة، وبين الرئيسين، قال رمز الهلال والكرة السعودية سامي الجابر عن مهنيتهم إنها «مهنية مسبوقة الدفع» أي أن آراءهم، ومواقفهم لا علاقة لها بالقيم والمبادئ الإعلامية الحقة، بل هم مع « من دفع « تحركهم المصالح.
هذا غيض من فيض .. وقليل من كثير ..
العلاج
شخصياً أميل إلى التعامل مع هذه النوعية كحالات مرضية يجب أن يتم حصرها أولاً، ثم التنبيه على خطورة حالتها منعاً لانتقال العدوى، قبل أن يتم التوعية بتفشي الـ»شيزوفرينيا» والعمل على علاج حالاتها.
والعلاج الأنجع في رأيي بعد أن يتم تحديد الحالات باتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم التي تردعهم، وتردع من يقتفي أثرهم، وعلى وسائل الإعلام والجهات الإعلامية المختصة أن تتخذ تدابير وقائية في وضع معايير لانضمام الإعلاميين الجدد، وتوفير الدورات التوعوية والتنموية التي تنبه لحقوق المجتمع، ورسالة الإعلام بعيداً عن تضارب المصالح، وتنمية مهارة الإعلاميين الجدد وتطويرها بما يكفل تأصيل المهنية في المنتسبين للمؤسسات الإعلامية ..
فالإعلام الذي يعاني الفصام يلعب دوراً خطيراً في تزييف الحقائق لصالح جهات معينة «بسبب تحوله إلى وسيلة دعائية يتحكم فى مضمونها وتوجهها مصالح أشخاص أو كيانات، أو حتى دول وأنظمة تريد التأثير على عقل المتلقي».
أخيراً ..
كتب المغرد سلطان الكثيري: « لم يغضب من خطاب الـ»سفلة» - أعزكم الله - إلاّ المعنيّون بالخطاب لقد كشفوا عن أنفسهم واحداً تلو الآخر .. شكراً شبيه الريح ننتظر إجراءات نظامية «.