المقال الماضي كان عبارة عن حلم معماري بأن يشارك شباب المملكة في تصميم الملاعب الجديدة، ورأيت أن تأخر تنفيذ مشاريع الملاعب الجديدة المزمع إنشاؤها بكل منطقة لمدة عام أو أكثر لن يكون خسارة إذا كان لأجل هدف إشراك الشباب السعودي في تصميمها وتنفيذها، باعتبارنا نبني تلك المشاريع لأجل نهضة تخدم الشباب وليس فقط كرة القدم. قلة من القراء كانت ردودهم سلبية في مضمونها العام وليس نقد صُلب الفكرة، كأننا أصبحنا نخاف التفكير خارج الصندوق ونصادر بعض الأحلام القابلة للنقاش وربما التحقق!
أعود لموضوع الملاعب فأشير إلى أنه كان لدينا تجربة ممتازة في بناء مقرات الأندية وملاعب رعاية الشباب في المناطق المختلفة. كثير من تلك الملاعب تجاوزت أعمارها ثلاثة عقود وما زالت بنيتها الأساسية ممتازة، ولست أتحدث هنا عن سعتها. أكبر مشكلة واجهتَها وتواجهها تلك المقرات تتمثَّل في التشغيل والصيانة والتطوير. الملاعب تحتاج صيانة دائمة لأرضياتها ومقراتها الأخرى وتحتاج بعض جوانبها للتطوير وفق تطورات اللعبة التقنية والمجتمعية، وهذا ما عجزت الرئاسة العامة لرعاية الشباب عن القيام به - أُكرر - رغم جودة تأسيس العديد من المشاريع قبل ثلاثين عاماً وأكثر.
السؤال الذي يقلق هنا: هل ستعاني الملاعب المزمع تأسيسها نفس المشكلة في المستقبل؟
بالتأكيد ستعاني، وبالتأكيد نحن بحاجة إلى صيانة المشاريع السابقة واللاحقة المشابهة، وهنا أضع اقتراحي بأن تتولى شركة أرامكو تأسيس شركة صيانة للملاعب والمنشآت الرياضية، إضافة إلى بنائها للملاعب. هل تكون شركة حكومية أم شركة مساهمة أم شركة قابضة تتولى الإشراف أو التنفيذ لمشاريع الصيانة والتطوير لمشاريع رعاية الشباب وبالذات الملاعب؟.. هذه الأسئلة أتركها لمزيد من الدراسة وتحديد أفضل الطرق لتأسيس الشركة، فما يهمني في النهاية هو أن لا نضع هذه المشاريع الضخمة في يد رعاية الشباب، وهي القطاع الحكومي الذي يعاني ما يعانيه من صعوبات بيروقراطية وإدارية لم تشفع له بهذه المهمة في الماضي. يهمني أن نرى شركة - شركات محترفة ومتميزة في هذا الشأن تسهم أرامكو بخبرتها العريضة في تكوينها - بالذات خبرتها في تأهيل المقاولين الذين يتولون مشاريعها.. ومن المناسب البدء بتأسيس هذه الشركة المقترحة بالتزامن مع بناء الملاعب.
والحديث عن مستقبل هذه الملاعب لا يشمل فقط الصيانة والتطوير، بل كذلك الإدارة.. حيث إن كل ملعب يجب أن يتوافر له طاقم إداري متمكن في إدارة المنافسات الرياضية في جوانبها التنفيذية، وفي التعامل مع القطاعات ذات العلاقة ومع حالات الطوارئ والتشريفات وغيرها من الأمور.. وهنا أقترح كذلك البدء في إعداد جيل جديد من القادة الرياضيين عبر تدريبهم في الدول المتقدمة وإطلاعهم على التجارب العالمية المختلفة في هذا الشأن، بما في ذلك إتاحة الفرصة لهم بالتنسيق مع الاتحادات القارية المختلفة للحصول على فرص تدريبية في المنافسات الدولية المتقدمة. يجب أن يكون لدينا قادة جاهزون لإدارة هذه الملاعب منذ لحظة انطلاقها، وبالتالي يجب البدء في تدريبهم بأسرع ما يمكن.
ولأجل الاستفادة من الملاعب الجديدة، ربما يجب المبادرة بتقدم المملكة بملفات طلب تنظيم المنافسات الإقليمية والقارية والعالمية، كالبطولات الآسيوية وبطولات العالم للفئات السنية وللأندية وغير ذلك من البطولات.. فطالما توفرت المنشآت وتم تدريب الكوادر البشرية، فإن بقية التفاصيل مقدور عليها وبلدنا تستحق أن تحظى بشرف تنظيم البطولات الدولية المختلفة، كما فعلت في السابق وأفضل.