كلمة ناصح أمين لأمة أثخنتها الجراح وأضناها الألم، والأعداء يتربصون بها من كل مكان، بل إن من أبنائها من ضل الطريق وغدا عدوّاً من حيث يشعر أو لا يشعر، بلاد مُزّقت، وأرواح أُزهقت، وأعراض انتهكت، أطفال أيتام ونساءٌ ثكالى، أضحى الحق باطلاً والباطل حقاً. ومن بين هذا الرُّكام الذي أزكم الأنوف وضجت منه القلوب، يحيى الأمل بالله تعالى ونصره وجنده، ولا يعلم جنود ربك إلاهو، ولا بد من بزوغ الفجر بعد الظلام.
وأول طريق الأمل ومنار سبيل العودة وفاتحة تحقيق النصر أن ترجع الأمة إلى ذاتها فترتفع عن آلامها وتنهض من كبوتها وتعترف بأخطائها وتشخص الداء تشخيصاً دقيقا مفصلاً، ومن ثَمّ تعقد العزم على التصحيح والمعالجة ووصف الدواء المناسب النافع، ولا ريب ألا يتم ذلك كله إلا باجتماعٍ وائتلافٍ على كلمة حق واحد لا مجال فيها لتعدد الولاء واتّباع الهوى وتفرّق المصالح.
وتلكم الكلمة جاءت على لسان الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأيّده. جاءت فشخّصت الداء وبيّنت الدواء في إيجاز بليغ واختصار مفيد، بنبرة نصح وحرص ورأفة ورحمة، وكأنه رعاه الله تعالى يقول: أما آن للأمتين العربية والإسلامية أن تسمع وتنصت لصوت ناصح صادق أمين يحمل بكلماته منطق الدين والعقل والحكمة قبل أن تغرق السفينة وتهوِي القيم والمبادئ ويضيع الحق وأهله ويتمكن الأعداء والمتربصون؟ ولكن {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (30) سورة الأنفال.
نعم إنها يا خادم الحرمين كلمة للتاريخ، والأيام شاهدة والصادقون شهداء الحق، والله على كل شيء شهيد، والعاقبة للمتقين.
فجزاك الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين، ونقول لك امض على الحق وسِر على بركة الله مسدَّداً موفقاً مؤيداً من رب العزة والجلال ونحن معك وخلفك نسير، ملتزمين بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، يداً واحدة ضد كل من تسول له نفسه المساس بعقيدتنا وديننا وأمننا ووحدتنا واستقرارنا، والله غالب على أمره {وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} (170) سورة الأعراف.