يعتبر استقدام العمالة (وخاصة المنزلية منها) من القضايا العالقة والتي تسعى الجهات المعنية لإيجاد الحلول المناسبة لها. فاستقدام العمالة العادية للمنشآت هو مسئولية مباشرة لأصحاب الأعمال، وهم قادرون على تحمل نفقات استقدامها وتكاليفها في الدول المرسلة وفي الداخل. وهم يوازنون بين نفقات الاستقدام وبين توظيف المواطنين، بالشكل الذي يحقق المنفعة لمنشآتهم. إلا إن المشكلة الحقيقية والكبرى الآن هي استقدام العمالة المنزلية (عاملة منزلية أوسائق) والتي هي ضرورة ملحة للمواطنين لا يمكن الاستغناء عنها ولا يوجد البديل المحلي لها . فمن المعتاد أن نسمع أن تكلفة استقدام عاملة فلبينية يصل إلى 15 ألف ريال، وأن تكلفة نقل كفالة عاملة مدربة بالبيئة السعودية يصل إلى 20 ألف ريال. أكثر من ذلك، فإن الدول المرسلة للعمالة المنزلية ليست كسابقتها، بل أصبحت تطالب بحقوق متصاعدة سواء في الراتب أو المزايا المادية أو حتى المعنوية لمواطنيها، لدرجة أن بعض الدول أصبحت تطالب بتقنين فترة العمل المنزلي اليومية أثناء عملهم بالمملكة . فإذا كانت عاملة منزلية، فكيف يمكن تقنين عدد ساعات معينة لعملها ؟ هذا يعني أن كل منزل سيحتاج في حقيقة الأمر لأكثر من عاملة منزلية لسد متطلبات ورغبات الأسرة بالمنزل طيلة 24 ساعة. منذ 3 سنوات والجهات الرسمية تدرس في العديد من الأروقة عقود هذه العمالة المنزلية وإعادة تنظيمها مع دولها المرسلة، إلا إن هذه العقود اصطدمت بعوائق متعددة وصعبة مع الدول المرسلة للعمالة، كما اصطدمت برغبات وتطلعات المواطنين المستقدمين، وقد وصلت المفاوضات مع العديد من الدول المرسلة للعمالة المنزلية لطريق مسدود أغلق معه الاستقدام من هذه الدول.
وقد علمت «الجزيرة» من مصادرها أن التركيز الآن يسير على قدم وساق للاستقدام من الهند وإندونيسيا فقط ، وأن وزارة العمل تسعى لإجراء دراسة تفصيلية خلال الشهور الستة المقبلة لسوقي الهند وإندونيسيا كدول مستهدفة في إرسال العمالة للمملكة. ورغم أن كلتا الدولتين ترسلان عمالة عادية في مختلف التخصصات للمملكة، إلا أن وحدة الأبحاث والتقارير بـ»الجزيرة» تعتقد أن التركيز سيكون على استقدام العمالة المنزلية من هاتين الدولتين مستقبلا، وربما تكونا هما الدولتين الوحيدتين المسموح بالاستقدام منهما للعمالة المنزلية.
عام 2012م يشهد استقدام 828 ألف عمالة منزلية
ما لا يدركه البعض ، هو أن العمالة المنزلية تمثل أكثر من ثلث حجم الاستقدام الكلي للمملكة، فخلال الفترة (2008-2012م) تم استقدام 6.3 مليون عامل للقطاع الخاص، ونحو 437 ألف عامل للقطاع الحكومي، وحوالي 3.0 مليون عمالة منزلية . وتساهم العمالة المنزلية على الدوام بنسبة لا تقل عن 31% من إجمالي استقدام العمالة الوافدة للمملكة.
عمالة الهند وإندونيسيا في سوق العمالة الوافدة
يقدر عدد العمالة الهندية بالمملكة بنحو 2.2 مليون عامل، وتقدر مشاركة الهند بنسبة 23% من إجمالي العمالة الوافدة بالمملكة، أما عدد العمالة الإندونيسية فيصل إلى نحو 1.5 مليون عامل وعاملة، يتركزون غالبيتهم في العمالة المنزلية.
أي أن مشاركة كل من الهند وإندونيسيا في إجمالي العمالة الوافدة بالمملكة يصل إلى 39.4%. وفي ضوء التوجهات الجديدة يتوقع أن ترتفع مشاركة العمالة من هاتين الدولتين بنسبة أكثر من 50% من إجمالي العمالة الوافدة، إلا إنه ينبغي التأكيد على أن نسبة 70% من مشاركة هاتين الدولتين سيتركز في العمالة المنزلية.
وزارة العمل تستبصر الغموض في تكلفة الاستقدام
تتمثل تكلفة استقدام عامل داخل الدولة المرسلة في بنود معتادة، وهي نفقات إدارة الجوازات والفحص الطبي واستخراج الفيزا والتأمين وضرائب الحماية، فضلا عن النقل المحلي وتذكرة المغادرة والتدريب ورسوم شركة الإرسال واختبارات الكفاءة. وتشير دراسة حديثة عن إندونيسيا إلى أن إجمالي كافة هذه النفقات «فيها» لا تتجاوز 2500 ريال سعودي، وإذا افترضنا أن الرسوم التي تحصلها شركة الاستقدام السعودية من طالب الاستقدام تصل إلى 15000 ريال، فإن إجمالي تكلفة استقدام أي عمالة منزلية يفترض أن لا تزيد عن 4000 ريال، إلا إن الواقع الراهن يؤكد أن هذه التكلفة لا تقل بأي حال من الأحوال عن 7000 ريال وتصل في السوق السوداء إلى ما يزيد عن 10 آلاف ريال وربما إلى 15 ألف ريال للعاملة المدربة.
إنها قضية غامضة ، وغير معروف سبب هذه المبالغة ؟ لذلك، فإن وزارة العمل تعمل بكل جهدها لبحث ودراسة هذه النفقات في دول الإرسال المستهدفة، والتي تتوقع وحدة الأبحاث والتقارير بـ«الجزيرة» أن تؤتي ثمارها خلال 6 شهور من الآن، بحيث قد نصل في يوم قريب إلى استقدام عاملة منزلية أو سائق بتكلفة لا تزيد عن 4000 ريال ، إنها رغبة وحاجة ملحة لعلها تتحقق.