أعجبتني الجملة التي قالها رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبداللطيف آل الشيخ «انتهى وقت الطبطبة» في حوار له مع جريدة الوطن، يطالب فيه تطهير مؤسسات الدولة من دعاة الفتنة المنتمين أو المتعاطفين مع الفئات الضالة أمثال الإخوان المسلمين والدواعش وبقية أحزاب وجماعات التكفير والإرهاب.
لو أمعنا النظر هذه الأيام إلى جملة كثُر ترديدها، وهي أن حدودنا آمنة من داعش وغيرها، والحقيقة أنه لا خوف على الحدود فهناك رجال نذروا أرواحهم لحمايتها، ولا خوف من هجوم عسكري خارجي فقواتنا وعدتنا وعداتنا -ولله الحمد- قادرة على دحر من يُفكر في هذا ولا أظن أن أحدًا يجرؤ، إنما ولأن هذه الجماعات تعلم جيدًا هذه القدرات والمقدرات العسكرية فقد لجأت إلى غرس الفكر لا السلاح، وجندّت أعدادًا ليست بالقليلة لتنفيذ هذه الأجندات المشبوهة التي تزرع الفتنة في مجتمعنا، وها نحن نراهم اليوم يتحدثون في منابر مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات بكل حريّة، بل ومنهم من هو قائم على عملية التعليم سواء العالي أو المراحل الدراسية التي تسبقه، وهي مراحل العقول «الغضة» التي تستقبل وتخزن وتعتنق مثل هذه الأفكار المشبوهة والمتطرفة، والتي صارت وللأسف أمرًا سائدًا بعد تلبيسه بالدين والشكل المتدين، وهذا ما تسعى له الجماعات المتطرفة لتجعل كل من يرفض التطرف هو في خانة أعداء الدين!
إن المرحلة التي نعيشها في الوقت الحالي، هي مرحلة مفترق طريق، فإما أن نعمل يدًا واحدة في كل المؤسسات والقطاعات ومناحي الحياة بكاملها في وجه هذه الفئات المارقة، وأن نسن أنظمة وقوانين لاقتلاع فكرهم من كل مكان، وإما أن نستمر في «الطبطبة» ونتركهم يستمرون في تلويث الأفكار وزرع ثقافة العنف التي صارت تتكاثر في المجتمع بشكل عجيب، سواء عنف جسدي أو لفظي أو (كيبوردي).. هذه الأفعال لوثت كثيرًا ثقافتنا المتسامحة، صار الناس لا يتغاضون عن أي تصرف بسيط، حتى على مستوى التصرفات البسيطة كمثل رجل أخطأ على آخر بالسيارة في الشارع، من النادر أن نجد الآخر يتقبل الموقف بتسامح.
إن ثقافة المجتمع مع كل هذه العوامل باتت تتشكل على منهجها وشكلها وصورتها، وتأخذ منها الرؤية وأساليب المنهج الفكري حتى وإن لم تعتنق هذه الأفكار، لأن أهداف هذه الجماعات هو غرس منهجية أفكارهم وجعلها ثقافة مجتمعية سائدة، وهذا ما حدث بعد تركهم يرتعون كل هذه السنوات الطويلة، لذا نحن الآن أمام أجيال جديدة هل سنتركها مع هذه الثقافة التي ستتطور إلى ما هو أسوأ مستقبلاً؟ أم سنقتلعها ونعود إلى فطرتنا وطبيعتنا الدينية والعاطفية التي عنوانها التسامح والقبول؟
إن محاكمة دعاة الفتنة وإيقافهم عند عدهم وعدم التراخي معهم، هو بداية التصحيح للمضي في طريق سوي، لمنهج حياة يعيد تشكيل هذه الثقافة الملوثة والتي تحتاج إلى كثير من التطهير، وستتطهر تلقائيًا إن طهرنا حياتنا ومؤسساتنا ومنابرنا من دعاة الفتنة والتحريض وغرس الفرقة!