تفاجأ، بل وانصدم الكثير ممن يطالبون بحماية النساء من التحرش، بموقف مجلس الشورى الذي تحفظ على قانون الأحوال الشخصية، وسحب على قانون مكافحة التحرش بالنساء، بالرغم أنهما من المطالبات الحقوقية الانسانية المكملة لنظام الحماية من الإيذاء للمرأة والطفل، ومنطلقة جميعها من تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية والقائمة على صيانة العرض، وكف الأذى، ومعاقبة المعتدي! لكن للأسف الشديد ان وضعنا الشرعي والحقوقي في السنوات الأخيرة في نزاع مابين فئات مختلفة، فئة منها تعيش فوق السحاب ولم تتعايش ولالديها أدنى احساس بمعاناة كثير من المستضعفين في الأرض ولايهمها إلا الحرب ضد كل مايحفظ لهؤلاء حقوقهم بحجة اسطوانتهم المشروخة (انها مطالبات غربية) وادعاءات لاتمت للواقع بصلة وغير مدركة للتغيرات العصرية التي نعيشها! بالرغم من أن المملكة وقعت على معاهدات واتفاقيات كثيرة منها مُلزمة في التطبيق كمثال ( اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة) خاصة أن أعظم بنودها في حقيقتها لاتخالف شريعتنا الاسلامية!
والصدمة الأخرى عندما تظل هذه الملفات الحقوقية الهامة للدراسة في لجنة حقوق الانسان بمجلس الشورى لشهور ثم يتم تحويلها إلى اللجنة الشرعية والقضائية! فلماذا لم يتم تحويلها من بدايات عرضها خاصة انها تستند على مطالبات شرعية وحقوقية كثير من القضاة قد لايطبقها منذ الجلسات الأولى خاصة في القضايا الأسرية، وتظل المرأة بالذات في صراع ومعاناة لاحدود لها قد تستمر لسنوات لكي تحصل على حقوقها!
ومن منطلق مسؤوليتي المهنية، والأدبية، وأمانة القلم الذي أكتب به الآن، سأقول لكم مانعاني منه يومياً سواء مع الجهات الأمنية، أو القضائية، أو التنفيذية، وخاصة لمن ساهم بشكل مباشر أو غيره في اطالة الأمر على البت في مثل هذه القوانين الحقوقية الهامة للأسرة، وللمجتمع بلاشك، وإليكم صور من تلك المعاناة :-
1 - مازال الكثير من القضاة لايُنصف الأمهات المطلقات في حضانة ورعاية أطفالهن من الجلسة الأولى، وإعطاء الأولوية للآباء بدون التأكد من وضعهم النفسي والأخلاقي والاجتماعي!
2 - كثير من الأسر التي تعاني من وجود ابن مدمن، أو مضطرب في شخصيته، تعاني بناتها من التحرش الذي لايمكن اثباته بسهولة، يتطور بمرور الزمن لاعتداءات جنسية داخل المنازل وليس خارجها، فهنا ماذا نستفيد بعدها؟!
3 - تعاني كثير من النساء من تقييد حريتهن في التنقل بأمان سواء في الشارع أو المرافق التجارية، بسبب ضعف العقوبات على المتطفلين من الذكور المرضى بملاحقة النساء، وهذا مما يعطيهم مجالاً لتحاوزات أخلاقية أكبر!
4 - العقوبات بشأن الانتهاكات داخل الأسرة غير واضحة وغير محددة، والكثير من المتضررات لايتقدمن بالمطالبة بحقوقهن خوفاً من النتيجة المخزية بحقهن! ولذلك نجد ذكور هذه الأسرة مهما كانوا مخطئين لايخافون من مواجهة الضحية!
5 - البطء واللامبالاة بتنفيذ الصكوك سواء من الجهات الأمنية او المحاكم التنفيذية، مما يتسبب ذلك في ازدياد الضحايا من الأطفال بالذات!
6 - واقع المستشفيات والأسواق والفنادق في وقتنا الحالي يستدعي اقرار العقوبات على المتحرشين عاجلاً!
وكما ذكرت سابقاً هذه القوانين من الأولى أن لايبت في مصيرها إلا الممارسون والمختصون في الميدان فقط .