بالرغم من أن الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي يعقد على مستوى وزراء الخارجية، اجتماعاً دورياً، والذي يبحث على شاكلته الاجتماعات الدورية ملفات معدة مسبقاً تتناول مسيرة الدول الأعضاء في مسارات التعاون والتنسيق، إلا أن اجتماع الأمس الذي شهدته جدة سيطر عليه ملف العلاقات الخليجية مع دولة قطر، التي تسلك طريقاً لا يتوافق مع مواقف دول الخليج، وبالذات مع مواقف المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الامارات العربية، خاصة في هذه المرحلة الراهنة التي يواجه فيها الأمن العربي اختراقاً من قبل قوى اقليمية ودولية تستهدف تهميش الدول العربية لصالح تنامي النفوذ الايراني والنفوذ التركي وتوغل الجماعات الارهابية وبالذات التنظيم الارهابي داعش في سوريا والعراق والحوثيون في اليمن والمليشيات الطائفية في سوريا ولبنان والعراق، وهو ما يتطلب موقفا خليجيا موحدا لا تزال قطر تغرد خارج سياقه، وبالذات دعمها للجماعات الارهابية والأحزاب المتطرفة الدينية وعلاقاتها المشبوهة بالقوى الاقليمية التي تعمل ضد الاستقرار والأمن العربيين، اضافة إلى احتضانها شخصيات معادية للدول الخليجية ومنحها الجنسية القطرية، مما يسهل عملها داخل المنظومة الخليجية، وهو ما دفع المملكة والبحرين والامارات لاتخاذ موقف حازم لفرض الالتزام على دولة قطر واعادتها إلى المنظومة الخليجية، ويعتقد كثير من المتابعين ان اجتماع جدة كان حاسماً في موضوع الالتزام القطري في ظل مطالبة من الدول الثلاث بتجميد عضوية دولة قطر في مجلس التعاون ان لم يتم الالتزام بالخط الخليجي، وان تكف عن عبثها بالأمن الخليجي من خلال دعمها لأشخاص وجماعات تهدد الأمن الاقليمي والدول الأعضاء، وتجنيسها لأشخاص يعتبرون معادين للدول الخليجية والنشاط المعادي الإعلامي الذي تقوده محطة الجزيرة الفضائية القطرية والذي يستهدف علاقات دول الخليج العربية بالدول العربية وتوفيرها منبراً للجماعات الارهابية التي تستهدف أمن الاقليم.
الموقف من قطر يتوقع الجميع أن يحسم وان لم يتخذ قرار بسبب طلب الكويت وعمان فرصة أخيرة حتى اجتماع القمة الخليجية القادمة في ديسمبر نهاية هذا العام، إلا أنه ان لم يتم حسم الخلاف واستجابة قطر لدعوات الدول الخليجية بالكف عن مناكفاتها ودعمها للقوى المعادية لدول الخليج سيبقى الموقف من قطر سلبياً، وسوف تجمد الدول الثلاثة السعودية والبحرين والامارات علاقاتها مع الدوحة مع استمرار الكويت وعمان في القيام بوساطاتهما، التي لا ترى أية فرصة لنجاحها خاصة إذا ما تعنتت قطر وتجاهلت كل الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية وجولة الوفد الوزاري الهام الذي قاده سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل.