فإن جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المؤسس على منهاج شرعي، تحقيقاً لقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (104) سورة آل عمران.
وانطلاقاً من النهج الإسلامي للمملكة العربية السعودية - حرسها الله - يُعد صمام أمان لهذه الأمة - بإذن الله - في حفظ الضرورات، ونشر الفضيلة، وقمع الرذيلة، والأخذ على أيدي السفهاء، وأطرهم على الحق أطرا، بلا نظير له في العالم كله، كما أنه في الوقت ذاته يظهر فيه وبه تعظيم شعائر الإسلام {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (32) سورة الحـج.
ولا يزال هذا الجهاز يؤدي دوراً فاعلاً وغاية في الأهمية، في ضوء ما أُسند إليه من مهام، ولا سيما بعد أن تولى سدته صاحب المعالي والفضيلة الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ - سدده الله وأعانه -.
فكم سمعنا وشاهدنا وأخبرنا عن إنجازات كمية ونوعية، وما طوي عنا علمه أكثر، وجماعها في (1- تعزيز دور الهيئات وحضورها، وتعظيم هيبتها في النفوس، لكونها مختصة بشعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة.. 2- تطبيق اللوائح والأنظمة الخاصة، باعتبار معالي رئيس الهيئة مفوضاً من قِبل ولي الأمر ونائباً عنه في إدارة الهيئة، فلا يقبل معاليه أن يقصر المسؤول في الهيئة في عمله، لأنه خيانة للأمانة، كما لا يقبل أن يتجاوز المسؤول اختصاصات الهيئة، لما فيه من تجاوز الصلاحيات التي اكتسبتها الهيئة بموجب التفويض.. 3- تطوير منسوبي الهيئة، والرفع من مستواهم، والوقوف إلى جانبهم، والرفع من مكافآتهم بنسب لم يسبق لهم نوالها، تقديراً منه لجهودهم العظيمة.. 4 - تعزيز الأمن الفكري سواء لمنسوبي الرئاسة أو من المستفيدين من غيرها، وقد أتى بثمار طيبة، وأتمنى من مؤسساتنا أن تحذو حذو الرئاسة فيها).
ولا ريب أن هذه الأمور مما يجعل المواطن يتفاءل بدوام فاعلية الهيئة، وتعايشها مع المستجدات والأحداث بمنهج واضح ومعتدل، يحقق المصالح، ويدرأ المفاسد، ويأخذ بأيدي الناس، ولا سيما المخطئ منهم إلى الهدى، برفق وحكمة وصبر، بعيداً عن التراشق والتدابر والظن السيئ.
بَيْد أننا نجد الطائفة اللا دينية أو الشهوانية تنافر هذا الجهاز، وتختلق الأكاذيب حوله، باعتباره مانعاً للرذيلة التي تسعى إلى ممارستها، وهي شرذمة ممقوتة، ونشاز في المجتمع، ووصفهم يسقطهم بغير إسقاط من أحد، وقولهم يرد عليهم ويكذبهم.
وطائفة أخرى أقحموا أنفسهم فيما ليس من اختصاصهم، فسلّطوا سهامهم على الهيئة ومسؤوليها، وجعلوا رأيهم.. وقد يكون خطأ محضاً هو الحق، الذي يجب تنفيذه، وإلا فالموعد الإعلام ووسائل الاتصال، متواصين بذلك، مع الهمز، واللمز، والطعن، والسب، والشتم، وغيرها، من المنكرات التي يمارسونها باسم الغيرة.. {وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} (220) سورة البقرة.
والذي يجب أن يُعلم - هنا - هو أن أي مسؤول في الدولة قد فوّضه ولي الأمر، فواجب عليه أن يجتهد في الوصول إلى الحق في عمله، فإن فعل ذلك فله أجران إن أصاب، وأجر إن أخطأ، والإثم مرفوع عنه، والعصمة منتفية عن الجميع، ولا يجوز لأحد أن يلزم غيره باجتهاده، إلا ما خص به ولي الأمر، فإنه يجتهد على الرعية، ولا تجتهد الرعية عليه، بإجماع العلماء.
وإذا تقرر هذا، فإني أنصح إخواني الذين يناوئون هذا الجهاز، ولا سيما معالي رئيسه المفوّض من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - أن يرعووا عن هذا الفعل، وأن يكفوا ألسنتهم، ويحذروا مغبة ذلك، وأن يتعاونوا مع الرئاسة على البر والتقوى.. ناصحين غير فاضحين، صادقين غير كاذبين، مخلصين غير مرائين.. وأن لا يسلموا عقولهم للسفهاء والجهلة، ولا للمتحزبين، ولا للموتورين، ولا للأجندة الباطنية التي تريد هدم المؤسسات الدينية بطرق خفية، لا يتفطن لها إلا الموفقون من عباد الله.
أسأل الله أن يجعل هذا البلد آمناً مطمئناً ويوفق القائمين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويعينهم، ويسددهم، ويأخذ بأيديهم إلى الحق.. والحمد لله رب العالمين.