بنيت الحياة البشرية على مبدأ الربح والخسارة ، وبقيت المعادلة البشرية في كل أمورها تمر عبر هذا الميزان الذي يحدد مكونات العلاقات البشرية بين البشر انفسهم وبين المكونات الحياتية الأخرى بما فيها العلاقات الإنسانية، ولان منظور الخسارة والربح يحمل على طرفي نقيض نتائج متباينة من حيث مردودها وهي النتيجة المعتبرة في نهاية كل عمل أو تعاملات ، وأصبح بناء كل شيء ينطلق من هذا البعد باعتبار أن لكل فعل مقابل، كما لكل سلعة ثمن.
• الربح والخسارة احد مشاهد الحياة ليس على المستوى المالي وإنما على كل المناح إذا ما اعتبرنا أن كل هدف لا يتحقق هو يدخل في نطاق الخسارة وبدرجات متفاوتة وبأشكال مختلفة ، وأنماط متنوعة بأبعادها النفسية والحسية، وبما يتشكل تراكميا في رصيد لا ينتهي إلا بانتهاء حياة الإنسان ، وفي المقابل فان الربح يأخذ ذات الملامح والأبعاد، ولكن بالاتجاه المعاكس بمعنى انه يأخذ الاتجاه الايجابي الذي عادة لا يكون له سقف، فكلما وصل مرحلة تتجدد أمامه محطات أخرى ، وفي كلا الحالتين لا يمكن التيقن باستمرار الاتجاه نفسه، فلا الخسارة نتيجة نهائية ، وكذلك الربح لا يحمي من وصول سهام الخسارة أحيانا إليه.
** ولان كل شيء في الحياة يمكن ان يتحول الى تجارة ، فقد استلهم البعض انطلاقا من حب النفس للربح ، برامج تداعب هذه الطبيعة التي يزيد إفرازها عند البعض حد الانسياق خلف أدعياء صناعة الربح ، والنماذج كثيرة لحالات مساهمات وتشغيل اموال وشراء بالآجل بأسعار خيالية ، وتدافع اليهم كثير من الناس مودعين أموالهم بأمل جني الأرباح فما جنوا سوى الخسارة، وهناك أيضا فئة يلاحقون ادعياء صناعة الربح من خلال الدورات التدريبية بينما بعض من يقدمون تلك النصائح والدورات هم أنفسهم لم يعثروا على الطريق الذي ينظرون للآخرين عنه ، فيأتي احدهم متأبطا حقيبته التدريبية الملفقة ليقدم عنوانا كبيرا «كيف تصبح مليونيرا»، وترى الناس يصطفون امام كلماته وتنظيراته الجوفاء باحثين عنده عما لا يملكه.