أكتب هذا المقال في نفس الوقت الذي ضربت فيه الطائرتان برجيْ مركز التجارة العالمي بنيويورك، قبل 13 سنة. أتذكر أنني شعرت بحريق داخلي يشبه النيران التي كنا نحدق فيها عبر شاشات التلفزيون، وهي تلتهم البنايتين الشاهقتين، وبارتجاج أكبر من الارتجاج الذي أصاب المبنى الأول ثم المبنى الثاني حينما اخترقتهما الطائرتان تباعاً، وهو مشهدٌ كانت كل القنوات تكرره كل دقيقة، مصحوباً بصيحات الفزع والرعب.
اليوم، لا نزال نشعر بنفس النيران وبنفس الارتجاج، على الرغم من أن العديد من المحللين السياسيين الأمريكيين لم ينطلِ عليهم هذا الفيلم، فصاروا يسخرون منه ويتندرون عليه، مما شجّع الكثير من مقدمي برامج الحوار الشهيرة بتحويل القصة إلى مادة كوميدية، تجعل المشاهدين يؤمنون بأن سياسة بلادهم مثيرة للضحك.
لماذا إذاً لا تزال النيران تتصاعد في قلوب الذين عاصروا هذا الحدث؟!
لأنه شكّل مفصلاً تاريخياً للتحول في العالم العربي والإسلامي. فكما كان هناك برجان للتجارة أطيح بهما في جريمة هي الأكثر غموضاً في التاريخ، صار هناك برجان في كل بلد عربي وإسلامي. وصار الهدف الدولي، الموجّه من قبل الولايات الولايات المتحدة الامريكية، هو الإطاحة أيضاً بهذين البرجين الجديدين.
لقد صار هناك برج للسنة وبرج للشيعة، برج للمحافظين وبرج للليبراليين، برج للسلفيين وبرج للإخوان. ومنذ الإطاحة بالبرجين الأمريكيين، كان هناك من يرى أن البرجين العربين الإسلاميين يجب أن يتعملقا ثم يطاح بهما معاً.