كتب سلطان المهوس وصالح الشعيبي عن لقاء التربية الوطنية، الذي تم في فندق موفنبيك القصيم بمدينة بريدة، ونشرته صحيفة الجزيرة. وتعليقاً على ما جاء في الخبر أقول:
الوطنية كتربية وكمفهوم لم تنتشر بيسر، وواجه المفهوم بالذات مشادات معروفة، بل قطعنا شوطاً كبيراً في غرس قيمة المواطنة. ومقررات التربية الوطنية أهم أداة نشرت، وأكدت مفهوم الوطنية.
عندما شعرت وزارة التربية والتعليم بأن مقرر الوطنية أدى دوره، وبحكم نمطيته المعروفة تخلت عن فكرة استمرار المقرر، لكنها لم ولن تتخلى عن المفردة ومفهومها. وليست القصة قصة تغيير كما يتصور البعض، فمرونة التعلم الإبداعي تؤكد ثراء المفردات ومرادفاتها، سواء بقي المقرر أو تم تطويره. ومن ذات المنطلق، وتدريجياً، تم دمج المفردة ومفهومها بالمقررات كافة، مع تأكيد الخصوصية في مقرر ما يمكن تسميته بعلم المكان (التاريخ والجغرافيا) مع مفهوم ومنطوق الوطنية.
المؤكد عدم التصريح بكل ما سبق، وما سأقوله في بقية المقال، لكن النتيجة تقول ذلك.
خلال سنوات تم توديع المقرر تدريجياً، ولم يبقَ إلا مقرر الصفَّين الثاني والثالث الثانوي.
بعد توديع مقرر التربية الوطنية، وبعد دمجه مع المقررات الأخرى، يأتي خطر تراجع المفهوم؛ لذا لا بد من بناء استراتيجية جادة للاحتفاظ بأثر المقررات الوطنية، وأثر الممارسات التربوية الوطنية في المدارس، ولا يكفي المقرر الذي يظهر مفردة الوطنية.
أعمال وأنشطة الوطنية فيما مضى بعد غياب المقرر قد تختفي، وقد يختفي معها مفهوم الوطنية يوماً ما؛ لذا لا يكفي الحديث عن تطوير مقرر التربية الوطنية، أو تأكيد تكامل مقرر الجغرافيا والتاريخ مع الوطنية، أو عقد لقاء لمرة واحدة.
بقاء مفردة (الوطنية) في مقرر يتناول علم المكان خطوة مهمة، وتشكر وزارة التربية والتعليم حينما تمسكت بالمفردة والمفهوم، حتى لو كانت لم تنص على علم المكان.
التمسك بالمفردة أهم ما في مجال تطوير المقرر حالياً، لكن المقرر يحتاج لأنشطة دائمة في عمق المفهوم، وبالنص عليها.
التحدث عن تمسكنا بمفردة (الوطنية) أهم من قولنا لقد طورنا المقرر.
المسؤول التربوي والمعلم مطالب بأن يقول بكل وضوح «لم ولن نتخلى عن المفردة، ولا عن المفهوم، ولم ولن نتخلى عن مفهوم الوطنية، باعتبار الوطن وطننا المسلم، ودليل ذلك إبراز المفردة في كل المقررات، وتخصيص النص عليها في مقرر المكان والزمان».
عقد مؤتمر عن التربية الوطنية في فندق، واختصار ذلك في شخصيات من الوزارة وإدارة تعليم وضيوف من الإدارات الأخرى والجهات الحكومية الأخرى، ليس هو طموح من يحمل الهم الوطني.
رائد التربية الوطنية معالي الوزير محمد الرشيد - رحمه الله - ومن كانوا معه في تأليف مقرر التربية الوطنية يستحقون التكريم، ولم نسمع حتى الآن مَن تحدث عن ريادة التربية الوطنية.
في مقالاتي عن التربية الوطنية ذكرت معالي الوزير محمد الرشيد - رحمه الله - بوصفه رائداً للوطنية، وطلبت تكريمه في حياته بعد ترك منصبه، وطلبت ذلك بعد وفاته - رحمه الله - ولم أسمع عن تبني الاقتراح!
نحتاج لمحفل وطني، لا يختصر الوطنية في فندق فقط، بل في مجمعات تعليمية في المناطق التعليمية كافة، وبيوم واحد، مع توزيع الضيوف كافة على تلك المجمعات التعليمية، وإقامة حفل يشارك فيه أكبر عدد من طلاب المدارس، واستضافتهم في بيوت الطلاب.
ليس هذا فحسب، بل استثمار التدريس الإبداعي في غرس مفاهيم عدة، وترابط المعرفة في كل الاتجاهات، واستثمار كل الميول والمهارات في مجال حب الوطن وحمايته وتقديره، وخدمته وتزيينه، ومشاركة أهله همّ البقاء، وخلاف ذلك.
هناك التربية المرورية والتربية الصحية والأسرية والسكانية والطبية والغذائية والأمنية والسياسية والزمنية والجنسية والتربية المالية والتربية الوطنية والمكانية والشخصية والتربية الدينية والسلوكية والتربية التعليمية، وغيرها.. وكل هذه لا تحتاج لمقررات باسمها، بل عبر المقررات يمكن التأكد منها كمفردات مع التعريف بها، وبعضها ينتظم في مقرر حالي، دون تسميتها.
ولكن بعضها يستحق تناولها عبر مقرر خاص بها، كالتربية الإسلامية، والتربية الأمنية والمالية، وهذه موجودة ولو لم يتم النص عليها. أما الوطنية والسياسية والجنسية فلا يمكن تخصيص مقرر لها، إذ لا يناسب إفرادها بمقرر ولا تخصيص معلم لها.
هذه المفردات والمفاهيم تحتاج لتوضيح ونشر والتعريف بها والحديث عنها أمام صانع القرار التربوي، ومع المعلمين وفيما يدرسه الطلاب.
وأقول: التربية الإسلامية؛ لأن قولنا التربية الدينية يشمل الأديان الأخرى.
مدير المدرسة مسؤول عن التربية الجنسية، وذلك من خلال استراتيجية يعمل من خلالها بمعية المعلمين والإداريين كافة، مثل المرشد الطلابي، لكن واجب وزارة التربية والتعليم هو إبراز المفردة والحديث عن مفهومها، عبر نشرات خاصة، مع استراتيجية معدة للغرض، وعبر مرونة التدريس الإبداعي، إذ إن غذاء الاستراتيجيات كافة ثراء المفردات.
التزاحم في المقصف يحتاج لاستراتيجية التربية الجنسية والمرورية والمكانية، كخطوات عمل، دون تخصيص مقرر.
تضمين كل الأدلة التنظيمية بهذه المفردات ضرورة لتذكير التربوي بأهميتها وأهمية الإجراءات التي تحولها لتربية إيجابية، لا تربية سلبية.
القائمة التي ذكرتها يمكن البحث عنها في مضامين المقررات؛ لنحافظ عليها، فما لا يحتاج لمقرر نؤكد عليه عبر الأنشطة والإجراءات، وما يحتاج لمقررات نتمسك بمقرراتها، ونضيف أنشطتها وإجراءاتها، ونثريها بالأعمال، لا بالأقوال فقط. والله ولي التوفيق.