يحل اليوم الوطني هذا العام بصورة لم نعهدها من قبل! فالحكومة قد ضاقت ذرعاً بمجاملاتها لبعض الأفراد المحتقنين! وأصبحت أكثر حزماً حينما جرّمت بعض المنظمات الدينية المسيسة التي تغري الناس بالفتنة وتفتيت اللحمة الوطنية، وتوعّدت المنتمين لها بالعقاب المناسب.
وقد كانت الحكومة - سابقاً- تجامل كثيراً وتصفح أكثر عن بعض التجاوزات التي يتعمد بعض المواطنين القيام بها كالجهر بحرمة الاحتفال الوطني، أو تخصيص يوم للفرح بذكرى توحيد الوطن حتى قال أحدهم في حسابه بتويتر: (أزعجتونا بالتوحيد!) وكانت قبل تنطوي عليها صدورهم وتسكن في مكنون نفوسهم دون إبدائها! ونرجو من الحكومة أن تكون أكثر صرامة معهم، حيث بدأت ثلة تحرّض على عدم الفرح ومقاطعة الاحتفالات والتأكيد على حرمتها، ولكنهم يبدون سعداء بيوم الإجازة ولا يصرون على الدوام، ويذعنون لسياسة الدولة في إقفال أبواب شركاتهم أو مؤسساتهم الخاصة. وهو بلا شك يعد نجاحاً للحكومة ضد مثيري الفتنة، وتصرفاً حكيماً تنتهجه في سياستها المعتدلة، ولكنه يحتاج للحزم في الخطاب.
وعلى جانب آخر؛ فإن الوطن يعاني من ضعف مفهوم الوطنية لدى المواطن العادي غير المؤدلج، وهو ما يحتاج لإعادة نظر، فلا بد أن يصل المفهوم الحقيقي مع حسن التطبيق.
فالوطنية تعني عدم تغيب طالب عن مدرسته أو معلم عن طلبته أو طبيب عن مرضاه أو موظف عن مراجعيه، بعيداً عن اللجوء لتقرير طبي يتخلون فيه عن مسؤوليتهم ويمنحها لهم طبيب تخلى عن ضميره.
والحق أن المواطنة المنقوصة تسكن في قلب تاجر يغش أمته بسلعة رديئة أو متاجرة بتأشيرات أو بتستر أو تعثر مشاريع، وغيرها من أشكال الفساد. فمن هو المتسبب في ضعف بنية المواطنة؟! ومن يسعى لفتورها في نفوس المواطنين؟!
أرجو ألا أكون قد أصبت مفاصل تفكيركم بالإحباط، فالمعطيات التي لديّ لا تمنحني تفاؤلاً كافياً لأنشره في هذه الزاوية القصيرة، وأنثره في وجوه القراء المشرقة بيوم وطنهم الجميل.
والحق - أيضاً- أن الشفافية التي تسكنني تقف حاجزاً دون أن أسكب فرحاً مزيفاً. ووطني يستحق أن نصدق معه فالمصداقية جزء من المواطنة.
والحق - فوق ذلك - أن ثمة وقفة للمراجعة والتقويم تغريني للبوح بمكنونات النفس.
فيا وطني امنحني الشروق لأنسج من شعاعه سجاد الفرح لك، ولأجدل من ضوئه ضفائر البهجة لأجلك.
حتماً، ستشرق غداً شمس الوطن وسنجدل معاني الفرح ونشيد في كل أركانه أعمدة البناء وسنجني منه ثمرات الرخاء.