يشكل اليوم الوطني (84) للمملكة العربية السعودية حدثاً وطنياً، ومناسبة لتجديد العهد بين الملك والشعب على الاستمرار في بناء الوطن بناء حديثاً متقدماً ومتطوراً، ويعتبر تاريخ توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- يوماً مشهوداً يحتفي به ويحتفل فيه الشعب والملك اعتزازاً وفخراً وتخليداً بملحمة الوحدة الوطنية التي وضعت المملكة في مكانة مرموقة في مصاف الدول التي ينظر العالم إليها وإلى تجربتها الوحدوية الفريدة بعين التقدير والاحترام.
كما يشكل هذا اليوم مناسبة جادّة لتقييم التحديات والتعريف بما أنجزته المملكة من إصلاحات سياسية وتنموية واقتصادية ساعدت على تعزيز الوحدة والحفاظ على الأمن والاستقرار، ومناسبة لتقويم حصيلة ما أنجز من تقدم وفق سياسة ترى في التحديات الداخلية والإقليمية حافزاً للتقدّم لا عائقاً له، ومناسبة للقيام بوقفة تأمل وتساؤل مع الذات بكل صراحة وصدق وموضوعية حول ما طبع مسيرة المملكة من إيجابيات وسلبيات، للتوجه نحو المستقبل بكل ثقة وعزم وتفاؤل. وإجراء هذه الوقفة مع الذات في مثل هذا اليوم لا يعني الشك أو التردد، أو عدم وضوح الرؤية، بل على العكس من ذلك، فطريقنا واضح، واختياراتنا مضبوطة، فنحن نعرف أنفسنا، ونعرف ماذا نريد، وإلى أين نسير بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد المخلص والحكومة الرشيدة.
لقد جاء اليوم الوطني (84) والمملكة - بحمد الله - تشهد انفتاحاً متواصلاً وتطوراً مضطرداً، وورش عمل ضخمة وإصلاحات عميقة في شتى المجالات؛ كإصلاح التعليم والقضاء وتوسيع فضاء الحريات وحقوق الإنسان وترسيخ المسار الوسطي والتوجه نحو الحداثة وتعزيز دولة المؤسسات والرعاية الاجتماعية الشاملة والحقوق الثقافية وحرية الصحافة والتعبير، ومحاربة الفساد والإرهاب والمخدرات، وتحسين مجال الأعمال، وتوفير المناخ الملائم للاستثمار، وتنويع القاعدة الإنتاجية، وتعزيز البنيات التحتية التي شكلت قاطرة للنمو في القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والخدمات والطاقة والتقنيات الحديثة والسياحة، وغيرها من تطوير لتحقيق تنمية بشرية عادلة ومستدامة.
كما جاء اليوم الوطني (84) والمملكة تشهد باعتراف جميع المراقبين الدوليين، تحولات عميقة خلال عهد خادم الحرمين الشريفين في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية، برؤية مستقبلية وسياسة حديثة متصالحة مع ماضيها، تستلهم من جذورها لتطور حاضرها وتبني مستقبلها. وبالتأكيد ما يهم خادم الحرمين الشريفين ليس الحصيلة والأرقام فقط، وإنما يهمه -أيده الله- قبل كل شيء التأثير المباشر والنوعي لما تم تحقيقه من منجزات في تحسين ظروف عيش جميع المواطنين.
أما في الشأن الدولي فإننا نحتفل بيومنا الوطني (84) وقد أجمع الخبراء والمهتمون، الوطنيون والدوليون، على أن المملكة عرفت خلال تاريخها المجيد تقدماً كبيراً في مختلف المجالات، حتى أصبحت اليوم من الدول الاقتصادية العشرين في العالم ومن الدول الرائدة والقائدة في المنطقة، كما لا يمكن لأي أحد أن يتجاهل دورها الفاعل تجاه مختلف قضايا العالم ووقوفها ودعمها ومساندتها وتعاونها مع المجتمع الدولي بمختلف هيئاته ومؤسساته.
وما أحوجنا في مثل هذا اليوم وغيره إلى أن نشكر الله على ما أنعم به على بلادنا - بلاد الحرمين الشريفين قبلة المسلمين- من رخاء وأمن واستقرار، وإلى أن نستمر في المحافظة على هذه المقدرات والمنجزات الكبيرة بوعي وعلم وثقافة ومحبة وتعاون وتلاحم واصطفاف خلف قيادته لتحقيق المزيد من الإنجازات والوصول إلى المأمول. والله يحفظ مملكتنا من كل شر ويديم عليها وعلى بلاد العرب والمسلمين والعالم بأسره نعمة الأمن والأمان والاستقرار. ودام شموخك وطني في ظل قيادة قائد المسيرة الوالد خادم الحرمين الشرفين وولي عهده الأمين، حماهما الله ومتعهما بالصحة والعافية، وكل عام والجميع في وطن الخير بخير.