من نعم الله على هذه البلاد الطاهرة أن اختصها بقادة أوفياء سمو بمكانتها منذ أن جمع الله شمل هذه البلاد على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله وأبنائه من بعده الذين واصلو مسيرة فارس الصحراء وصانع الحقائق والأحلام بكل تفان وإخلاص حتى
عهدنا الزاهر، فلله ما أكثر الرجال في بلد الرجال، الذين بهم تقوى الهمة، ومكانهم في القمة، وصلاحهم نعمة على هذه الأمة.
إن خمسة وثمانين عاما من العطاء والمنجزات تحققت وتتحقق في هذا العهد الميمون عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي أحبه شعبه لما عرف عنه من عدل وسماحة وتواضع وشهامة وشجاعة حيث بدأ حكمه بالتمسك بالثوابت الإسلامية فحقق الله له مطالبه، واطلع على صدق نيته وحبه لشعبه، فبادله الشعب حباً بحب، ولعل المتابع لخطاباته -يحفظه الله- على الصعيدين الداخلي والخارجي يلحظ ما يتمتع به من فكر سياسي متأثر بالأخلاق الإسلامية وخاصة فيما يتعلق بمفاهيم مهمة في وقتنا الحاضر كالانفتاح، والوسطية، والحوار مع الآخر، والسلام العالمي، بل عزز من دور المملكة في الشأنين الإقليمي والعالمي سياسياً واقتصادياً محافظة على ثوابتها الإسلامية ومتمسكة بقيمها الدينية والأخلاقية.
إن هذا الحدث التاريخي في حياة المواطن السعودي حدث يعتز به، يحتفي من خلاله بذكرى توحيد هذه البلاد على المبادئ الإسلامية التي قامت عليها والمتمثلة في العدل، والإنصاف، والأخلاق الفاضلة، والاحترام المتبادل، إنه يوم للتأمل والعبر، وتعريف للناشئة من شبابنا بماضينا المجيد وحاضرنا المشرق ومستقبلنا الزاهر الواعد إنها ذكرى خالدة لمسيرة المجد والبناء.. ذلك هو اليوم الوطني الذي يجسد حس الانتماء لهذا الوطن وتاريخه وقيادته، حيث يحمل في طياته الكثير من الوقفات المهمة تجاه الوطن والمواطن، إنها ذكرى مسيرة المجد والبناء، ذكرى الأمن والاستقرار، ذكرى الإعجاز والإنجاز..
كيف لا ونحن نعيش في حقبة زاهرة وطفرة اقتصادية، ومنجزات عظيمة، ومشروعات إنمائية متعددة، خلال مسيرة ناجحة قادها المغفور له -بإذن الله تعالى- الملك عبدالعزيز كان من نتاجها تأسيس هذا الكيان العظيم الذي رعاه من بعده أبناؤه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله جميعاً- حتى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وبمؤازرة عضديه صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين وصاحب السمو الملكي ولي ولي العهد -حفظهم الله- جميعاً.
إن الاعتزاز والفخر باليوم الوطني جاء نتيجة حتمية للإنجازات المتوثبة التي يلمسها المواطن في مختلف المجالات والبرامج التنموية عبر مسيرة طويلة صنعها البطل الموحد -رحمه الله-، إنها ملحمة بطولية انطلقت منها مسيرة النور لتأسيس بنيان دولة عظيمة دستورها القرآن الكريم ومنهجها الشريعة الإسلامية وقادتها رجال أوفياء صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. إن التلاحم الذي يعيشه شعبنا مع قيادته الحكيمة يؤكد المسيرة الصحيحة التي كان لها دور كبير في النهضة الكبرى التي تعيشها بلادنا محققة في ذلك أرقاماً قياسية لم تشهدها دول أخرى.
بل ولما كان وطننا الكبير فاعلاً ورائداً على المستوى العالمي برزت بعض التشكيكات والأقاويل الحاقدة التي تحاول النيل من كيانه، ولكن خاب وخسر ولن يفلح أبداً -بإذن الله- من يحمل في نفسه هذه المحاولات المريضة والسموم القاتلة، ولن يستطيع أن ينفذ إلى تماسك وحدتنا الوطنية وتلاحم شعبنا مع قيادتنا الوفية.
كما يجب علينا أن نكون أكثر تجاوباً مع ما يشهده وطننا الغالي من تطور وتقدم، ويأتي في مقدمة ذلك تعميق الحس الوطني لدى كل مواطن للذود عن كل ما يمس كرامة هذا الوطن أو يعبث بمنجزاته، وأن نحقق التلاحم المنشود بين الشعب والقيادة الحكيمة، وأن ندعو لها بالتأييد والتوفيق...
لقد استطاعت القيادة الراشدة أن تتجاوز كافة العقبات ومواكبة المتغيرات العالمية، حتى يمكن القول إن المملكة وهي تحتفل بهذه الذكرى الخامسة والثمانون تعيش أزهى وأجمل عصورها في ظل قيادة مؤمنة رشيدة حكيمة استطاعت أن تقود مسيرة البناء والعطاء في بلادنا نحو آفاق واسعة مع المحافظة على الثوابت ومواكبة النهج القيم الذي وضعه الملك المؤسس الصالح -رحمه الله رحمة الأبرار-.
إن هذه المناسبة نبراس لتفعيل الأداء, وتكريس روح الانتماء للوطن، والحفاظ على منجزاته الحضارية التي تحققت على الأصعدة كافة، كما أنها مناسبة لاسترجاع الماضي التليد واستشراف المستقبل الواعد, حيث أصبحت المملكة اليوم -ولله الحمد- أنموذجاً رائعاً ومعجزة عظيمة تاريخية تتحدث عنها الأجيال عاماً تلو الآخر، حيث تتواصل خطوات مسيرتنا في المجالات كافة وتتراكم الأرقام الدالة على الإنتاج لتثبت للعالم أجمع قوة ومتانة هذا الشعب الأبي، وبعد النظر لقادته، وبعد المدى لسياسته، مما جعل عيون العالم تنظر إلينا بدهشة وتعجب قد يشوبها نوع من الحقد والحسد، لما تقدمه هذه البلاد من جهود مباركة في خدمة الإسلام والمسلمين في جميع أقطار العالم، الأمر الذي لا ينكره إلا جاحد أو ظالم، ولكن خاب وخسر من يحمل في نفسه الأعمال التخريبية النابعة من أصحاب أفكار هدامة ومنحرفة مصدرها أعداء الإسلام والمسلمين الذين لن يستطيعوا -بإذن الله- أن ينفذوا إلى تماسك وحدتنا الوطنية، وتلاحم شعبنا مع قيادته ولله الحمد والمنة.
وسيبقى التاريخ شاهدا على ملحمة العرب التي صنعها عبدالعزيز وواصل أبناؤه المسيرة على نهج المؤسس البطل طيب الله ثراه وبارك جهود أبنائه الأوفياء الذين حكموا فعدلوا وواعدوا فأنجزوا.... فصرح النماء بدأ بالباني وأكتمل بأبنائه الأوفياء الذين سموا بمكانة هذا الوطن بين الأمم... فعلى أيدي الرجال تقوم الأوطان وبعزائمهم تواصل مسيرتها...
ولن تنسى الأجيال لمؤسس الوطن ملحمة التوحيد، ولن تنسى الإنجازات هذا العهد المبارك السعيد...