** حين تألفُ الكبارَ ويألفونك، والمعنى هنا لا يتصلُ بالحسابِ الزمني ولا المركز المالي أو الاجتماعي، فإنك تكبرُ بهم ومعهم، وفي الضفة الأخرى نصغُر مع الصغار ولا حديث عنهم ولا معهم ، وفي هذا الوسط المشتعلِ حيث تغيمُ الرؤى نلوذُ بالناس الطيبين لنتجاوزَ بهم قلقَ الحال وضبابيةَ المآل.
** لم تعد القراءاتُ الثقافيةُ ولا التحليلاتُ السياسيةُ قادرةً على تفسيرِ مايجري من صراعٍ ليس في معادلاته ما يمكنُ فهمُه أو توقعُه ؛فتداخلت الأهواءُ المتضادةُ وصرنا داخل أجواءٍ موبوءةٍ لتصفية الحسابات بين المؤدلجين أبيحت فيها محرمات وحُرِّمت مباحات.
** دار الحديثُ مع بعض الأصدقاء حول انسداد آفاقِ ما تُمكن الكتابةُ حوله وبخاصةٍ ممن لا تشغلهم القضايا الاجتماعيةُ اليوميةُ وممن لم ينتموا إلى تحزبٍ أوتصُغْهم أدلجةٌ وبقُوا مستقلين نائين عن الاستقطاباتِ السياسية والمذهبية.
** إذن ؛ فهو الهروبُ من المسافاتِ المحاصَرةِ بالألغام والنفوس المسكونةِ بالانتقام إلى المساحاتِ الخُضرِ المملوءةِ ودًّا وهدوءًا ووعيًا وراحةَ بال ، وهل آنسُ من مجلسٍ يتصدره علامتنا الشيخ محمد العبودي بذاكرته وامتلائه ،ومن وقتٍ مستقطعٍ من موسوعيِّنا المتوج أبي عبدالرحمن ابن عقيل بشموخ معرفته وظِلال جوده،ومن ساعةِ مغربٍ نزور فيها مؤرخَنا وشاعرنا الدكتور عبدالله العثيمين بعلمه وتواضعه ،وهل أنقى للذات الباحثة عن اليقين من صفاءٍ تجده لدى الدكتور حمد المرزوقي الذي ودَّع الوسط الصاخبَ بعدما عاش فيه وعشي منه وظل متابعًا مستمتعًا بدلالات آيةٍ وتفسير ظاهرة، ويُشرق الدكتورعبدالله الغذامي في جلساتنا فهو العالِمُ العاملُ المتزنُ الثقةُ القادرُ على المزج بين الجديةِ والترفيه بروحٍ لا يجيدُها سواه، ونتمنى أن يصمت الحاضرون عندما يتصدى الدكتور عبدالرحمن الشبيلي لتوثيقٍ تأريخيٍّ يُفصّله ويُجمله وَفقًا لما يجده الأنسبَ للمقام يزينه السمتُ المؤدبُ والصوتُ الهانئ، وما أسعد من يكون في قائمة أصفيائه العالِم الدكتور راشد المبارك والشاعرُ الإنسان أحمد الصالح والباحثُ المتميز عبدالله الناصر والحبيب الوفيُّ حمد القاضي والمبدع المتألق عبدالله الزيد والمرتحلُ إلا عن الحب عبدالله الماجد ،وغيرُهم من أمثلةٍ اقتصرت «هنا» على بعضِ الأَعلام في الرياض،ومَن خارجه وفي الظلِّ من يزيدون رقمًا ويَزينون صُحبة.
** يُدعى صاحبُكم إلى مناسباتٍ مخمليةٍ ولقاءاتٍ علمية وإِعلاميةٍ خارج وداخل الوطن،وفي بعضها ما يستحق شدَّ الرحال لكنه اعتاد الاعتذار إلا قليلًا مؤمنًا أن السعادة الداخليةَ تأتي حين تلقى من تودُّ بعيدًا عن مظهريةِ الأضواء موقنًا أن مآلَها الانحسار وربما ولدت حسرةً في نفسِ من تبتَّل قائمًا بوجهه واتجاهه يدعو أولياءَه كي يبقى لامعًا فإن لم فمُلمَّعا.
** ساد في أيامنا هذه الهرجُ والمرجُ ، وصار كلٌّ يحكي ويفتي وفي معظمه هذرٌ في المعنى وهدرٌ في الوقت وآثامٌ تطالُ الذمم وتهوِي بالقمم ، والكبارُ وحدهم من يبَرأُون من الهوى ويستحقون الإصغاء.
** التواري حضور.