الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، ورسالة سلام للعالم أجمع، فيه معان سامية ووحدة إسلامية وهو موسم عبادة وأمن وتجارة، ومؤتمر تنسيق وتعاون، وله عوائد دينية، واجتماعية واقتصادية وفيه منافع اجتماعية، وثقافية وسياسية، ورواج اقتصادي، وتنشط فيه التجارة، حيث يفد إلى الأماكن المقدسة ملايين المسلمين من العلماء وأصحاب الفكر، والثقافة والسياسة، والاقتصاد.
إنّ حجم الرعاية والعناية الكريمة بالحرمين الشريفين، وتوسعتهما التي أنجزت وتمت في عهد الملك عبد الله - حفظه الله - هي توسعة وجدت كل تقدير واحترام من جميع الحجاج والمعتمرين والزوار، وكافة مسلمي دول العالم، كونها توسعة أسهمت في استيعاب الملايين من المسلمين، وسهلت عليهم القيام بمشاعرهم في مكة والمدينة يكل يسر وسهولة.
فالدولة - أعزها الله - تقدم خدماتها للحجاج والمعتمرين والزوار دون النظر للعوائد الاقتصادية عليها من الحج والعمرة، فهي تنفق الملايين سنوياً لتطوير الخدمات، وبناء المشاريع لحجاج بيت الله الحرام والمسجد النبوي دون مقابل، ولو نظرنا فقط للجوانب المالية التي تنفقها المملكة لاكتشفنا بأنها الدولة الوحيدة التي تنفق دون منّة على أحد، كما أنها تضع كل إمكاناتها في خدمة الحجاج والمعتمرين.
لقد بذلت حكومة خادم الحرمين الشريفين – رعاها الله - جهوداً كبيرة ومشاريع عملاقة لتوسعة الحرمين الشريفين، وزيادة القدرة الاستيعابية للمسجد الحرام، والمسجد النبوي، ومشروع الجمرات العظيم، وإنشاء الطرق والجسور، والقطارات ومحطات الكهرباء، ومشروع المياه، وتبريد مياه زمزم، ومجازر ذبح الهدي، إلى جانب توسعة المسعى والمطاف بعدة أدوار، مما ساهم في التسهيل على الحجاج والمعتمرين والزوار، علاوة على ما يعطيه هذا المشروع الجبار من قيمة إضافية لاقتصاد المملكة وسمعتها بين الدول الإسلامية.
فهل آن الأوان لتكامل وتضافر الجهود بين الجهات المعنية بالحج والعمرة لوضع الخطط الاقتصادية الفاعلة، وإتاحة الفرص لتحقيق الفائدة للوطن والمواطن من قدوم هذه الحشود الكبيرة إلى مكة والمدينة، فاقتصاديات الحج موضوع مهم جداً، وله عوائد إيجابية على اقتصاد الوطن وتوفير فرص العمل للمواطنين السعوديين، والمقيمين في فتره الحج، ووقت العمرة على مدار العام، ويكون رافداً لاقتصاد الوطن.
فاستضافة المملكة لثلاثة ملايين حاج خلال فترة قصيرة جداً، وفي منطقة واحدة بأمنهم وتحركهم اليومي، بالرغم من لغاتهم وعاداتهم، ومذاهبهم المتعددة، في مناسبة إسلامية لها مكانتها الروحية عند أي مسلم، تحتاج إلى فن في الإدارة، والاقتصاد، والنجارة والتعامل، فهذا الكم من البشر تعجز عن إدارته دول عظمى، لكن من حمد الله وفضله، فإنّ تجربة المملكة في هذا المجال ناجحة بكل المقاييس، لا بل أصبحت علماً يدرس في أعرق الكليات.
وتسعى المملكة دائماً وفي كل عام بكل قطاعاتها الأمنية إلى استقرار الحج وسلامة الحجيج، وتبذل الغالي والنفيس للتسهيل على الحجاج تأدية هذه الشعيرة العظمى بكل يسر وسهولة، وحتى لا تصبح الأمور فوضى واستغلالاً، فالمطلوب من المواطنين والمقيمين التعاون مع الجهات الأمنية، لإنجاح موسم الحج هذا العام، لذا فإن التنظيم مسألة أساسية في مكة المكرمة، وخاصة أيام الحج والعمرة التي تشهد ازدحاماً سنوياً كثيفاً.
ونشيد بالقدرة الإشرافية العظيمة لسمو وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير محمد بن نايف -حفظه الله - على الجهود العظيمة ويما يبذله من تنظيم لحج في هذا العام، والسيطرة على إدارة الحشود الهائلة أثناء موسم الحج كل عام، وجعل المملكة أنموذجاً متميزاً في الإشراف والمتميز ومثالاً يحتذى به، وخاصة في إدارة الحشود وفك الاختناقات.
والشكر موصول لرجال أمننا البواسل على الجهود العظيمة، بالعمل على تنظيم خطة حج هذا العام وإدارة الحشود الهائلة بكفاءة عالية، والتي من خلالها يقدمون صورة غاية في الروعة والجمال عن بلدنا، ليكون حج هذا العام ناجحاً بكل المقاييس، وخالياً من جميع المشكلات والمعوقات، فالأمن نعمة من نعم الله العظيمة علينا، لا يدركها إلاّ من يعيش الفوضى وعدم الاستقرار، وكل عام وأنتم بخير.