إن للدعوة إلى الله تعالى دوراً مهماً في توعية الناس ونصحهم، وتبصيرهم بأمور دينهم، وحثهم وإرشادهم على الاستقامة بأوامر الله ونواهيه، والاعتصام بحبله المتين؛ لما فيه من ضمانٍ لوحدة الكلمة، وقد أمر الله سبحانه الجميع بذلك، فقال عز وجل: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّه جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
الزم يديك بحبل الله معتصماً
فإنه الركن إن خانتك أركان
والدعوة إلى الله هي مهمة الأنبياء والرسل، وهي واجبة - ولاسيما في هذا العصر - على أهل العلم وطلبته، لقوله سبحانه:
{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّة يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (104) سورة آل عمران.
وقد بيّن الله - عز وجل - أن أتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - هم الدعاة إلى الله، وهم أهل البصائر، قال تعالى: {قُلْ هَذِه سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللّه عَلَى بَصِيرَة أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي...}. وثبت في الصحيح من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم».
ولقد أحسنت (الهيئة العالمية للعلماء المسلمين) برابطة العالم الإسلامي صنعاً في إقامة دورة (المنهجية للأئمة والدعاة)، والحرص على إعدادهم إعداداً علمياً رصيناً، من خلال سلسلة محاضرات قيمة، يلقيها عدد من أصحاب الفضيلة، وذلك في يومي الأربعاء والخميس الموافقَيْن 29/ 11ـ 1/ 12/ 1435هـ، وتتمثل في العناوين الآتية:
ـ منهج التعامل مع النصوص الشرعية عند السلف: لفضيلة الشيخ د/ عبد الله الدميجي.
ـ منهج استخدام التقنية الحديثة في التعليم والدعوة: للشيخ عبد الحميد الكراني.
ـ المنهج الشمولي في الإسلام: لفضيلة الشيخ د/ عبد العزيز الحميدي.
ـ منهج التعامل مع المخالف: لفضيلة الشيخ د/ سعد الشهراني.
ـ منهج التعامل مع قضايا التكفير المعاصر: لفضيلة الشيخ د/ عبد الله القرني.
ـ منهج الداعية والخطيب: معالي الشيخ صالح آل طالب.
وقد توجت هذه المحاضرات القيمة بكلمة توجيهية ضافية من معالي الشيخ د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام للرابطة، وجَّه فيها الأئمة والدعاة بالحرص على تلقي العلم وحسن التعامل مع المخالف، والرفق واللين أثناء الدعوة، واحتواء الآخرين، وعدم العجلة في تحليل الأحداث والدخول فيها، والحرص على نفع الناس وتقريبهم من دينهم، ولاسيما في هذه الأيام التي تموج فيها الفتن والحوادث.
فالعلم الشرعي خير نبراس للأئمة والدعاة إلى الله تعالى، وسبب للخشية، قال عز وجل: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَادِه الْعُلَمَاء...}، وسبب أيضاً لدخول الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة».
وللكلمة الطيبة من الأئمة والدعاة أهمية وأثر عظيم في قبول الحق واجتماع الصف، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّه مَثَلاً كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرة طَيِّبَة أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّه الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.
ولاجتماع الكلمة ووحدتها أهمية عظمى في نشر العلم، واستتباب الأمن، ودفع كيد الأعداء.. ومن هذا المنطلق عقدت الهيئة العالمية للعلماء المسلمين هذه الدورة المباركة؛ لتكون رافداً من روافد العلم والخير. والشكر موصول لجميع القائمين على هذه الهيئة، وعلى رأسهم أخي فضيلة الشيخ د. سعد بن علي الشهراني الأمين العام للهيئة على هذا الجهد المبارك الذي قام به لتنظيم وإعداد هذه الدورة لإيصال كلمة الحق لطلاب العلم والأئمة والدعاة من أفواه العلماء، فجزى الله الجميع على ما قدموا لنشر العلم في سبيل الدعوة إلى الله تعالى.