لأول مرة ومنذ أسابيع طويلة، يتراجع اهتمام رجالات السياسة والرأي العام المحلي عمومًا بالمسار الانتخابي وبسير الحملات الانتخابية لفائدة نجاحات العناصر الأمنيَّة التي ظلَّت تعمل على مدى الأشهر الماضية بعيدًا عن عيون وسائل الإعلام وفي تمام السرية إلى أن تَمكَّنت من تحقيق ما كانت تصبو إليه في عملية استباقية ستدخل التاريخ باعتبار أنها منعت الجماعات المتطرفة من تنفيذ مخططات إرهابية يقشعر لها البدن لمجرد ذكر تفاصيلها.
ففيما تتواصل الحملات الانتخابية في أجواء متوترة بعيدة عن التنافس النزيه، نجحت القوات الأمنيَّة في تفكيك شبكة إرهابية خطيرة وبعض الخلايا النائمة تابعة لتنظيم أنصار الشريعة المحظور وكتيبة عقبة بن نافع في جهات مختلفة من البلاد، وأعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخليَّة أن رجال الأمن تمكنوا من تفكيك الجناح الإعلامي واللوجستي لكتيبة بن نافع، وتمت إحالة 19 عنصرًا موقوفًا على القضاء. ولكن ما يبدو غير عادي في العملية الأمنيَّة أنها أفضت إلى إيقاف فتاتين إحداهما خطيرة جدًا وهي بمثابة الصندوق الأسود لأنصار الشريعة حيث تمتلك المخطط الإرهابي الكامل للحركة.
ووفق المعطيات المتوفرة، فإنَّ المتهمين اعترفوا بأنَّهم خطّطوا في البداية لاغتيال «والس» رميًا بالرصاص لكنّ بعد عمليات التدقيق والرصد والمتابعة، تيّقنوا من استحالة نجاح العملية بسبب الحراسة الأمنيَّة اللصيقة والكثيفة حول السفير الأمريكي، وفي ظلِّ المعوقات والمطبّات الآنف ذكرها، قرَّر الإرهابيون الالتجاء إلى المخطّط «ب» وهو يتمثَّل في التحضير لتصفية السفير عبر سيارة مفخّخة قرب محلّ الحلاّق الذي يرتاده عادة، بيد أن العمل الاستباقي الناجح والفاعل للأجهزة الأمنيَّة حال دون تنفيذ هذه الجريمة التي كان مخططًا لها بطريقة محكمة وكان نجاحها سيوجه ضربة قاضية للاستقرار الهش الذي توصل إليه الفرقاء السياسيون.
كما كشفت الوحدات الأمنيَّة في عملية استباقية عن الجناح الإعلامي المكلف بالترويج للفكر المتطرف واستقطاب الشباب ونشر الفكر المتطرف وتوثيق العمليات الإرهابيَّة بالصوت والصورة، تشرف عليه إحدى الفتيات الموقوفات، وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخليَّة بأن تنظيم أنصار الشريعة المحظور وكتيبة عقبة بن نافع يضمان أخطر الصفحات والحسابات الإلكترونية على الإطلاق التي تسعى بوضوح إلى التحريض على الإرهاب وإلى إدخال البلاد في دوامة العنف والفوضى العارمة.
وأعلنت الداخليَّة أن قواتها تولت حجز أسلحة وسيَّارات مختلفة ومبالغ ماليَّة طائلة تَمَّ إدخالها من الجارة ليبيا لإعالة أسر الإرهابيين الموتى والموقوفين ولتمويل العمليات الإجرامية المزمع تنفيذها لو لا فطنة أعوان جهاز الاستخبارات والاستعلامات الأمنيَّة.