الحسن بن علي بن أبي طالب هو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدة نساء العالمين، وهو سيد شباب أهل الجنة، وريحانة النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه,
سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن وعقّ عنه يوم سابعه، وأمر ابنته فاطمة أن تحلق رأسه، وأن تتصدق بوزنه فضة، وروي عن ابن الأعرابي عن المفضل قال إنّ الله حجب اسم الحسن والحسين حتى سمّى بهما النبي صلى الله عليه وسلم ابنيه: الحسن والحسين. (أسد الغابة: 2: 10).
وقد كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي محمد، ويعتبره كثير من الباحثين خامس الخلفاء الراشدين وآخرهم، قال أبو نعيم: دخل الحسن أصبهان غازياً مجتازاً إلى غزاة جرجان، ومعه عبد الله بن الزبير، وبايعه أهل العراق بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة 40هـ، وأشاروا عليه بالمسير نحو الشام لمحاربة معاوية بن أبي سفيان، فأطاعهم وزحف بمن معه، وبلغ معاوية خبره.
وأنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.. كما صح حديث رواه البراء: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذُكر عنده الحسن والحسين فقال: «اللهم إني أحبهما فأحبهما».
وقد اختار له رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم الحسن ولأخيه اسم الحسين بدل حرب الذي كان يريده علي - رضي الله عنه - احتذاءً لأسماء ولد هارون عليه السلام: شبر وشبير.
وقد امتاز بصفات عديدة عُرفت عنه حتى أصبحت سجية في نفسه كالحلم والكرم، والورع والحياء، والفصاحة، وقد دعاه ورعه وفضله إلى ترك المُلك والدنيا، رغبة فيما عند الله تعالى، وكان يقول ما أحببت أن ألي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يهرق في ذلك محجمة دم.
ويروى عنه أنه حج عدة حجات ماشياً ورواحله تتبعه، وكان يقول: إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات، فكان يترك نعلاً، ويأخذ نعلاً، وخرج من ماله كله مرتين (أسد الغابة 2: 13).
وفي عطف رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليه وعلى أخيه الحسين، ومحبتهما، يأخذ المسلمون أحكاماً شرعية بأنّ مرور الصبي بين يدي المصليّ، وعبثه في ظهره لا يخل بالصلاة، وبأهمية رقة القلب للصغار وملاعبتهم والتلطف معهم، فقد أخرج الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: خرج علينا رسول الله ومعه حسن وحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا، فقال له رجل: يا رسول الله إنك لتحبهما، فقال: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني. (البداية لابن كثير 8: 39).
ولما قيل له: إنّ الشيعة تزعم أنّ علياً مبعوث قبل يوم القيامة، قال كذبوا والله، ما هؤلاء بالشيعة، لو علمنا أنه مبعوث ما زوّجنا نساءه، ولا اقتسمنا ماله.. أورده ابن كثير في البداية عن ابن سعد (8: 41).
وقد عدّه الكناني في كتابه معجم فقهاء السلف من فقهاء الصحابة، وأورد له مسائل عديدة، برز فيها فقهه، وبانت مكانته العلمية علاوة على ما جبل عليه من بلاغة وقدرة كلامية، ففي المسح على الخفين فإن لم يظهر من الخرق شيء من القدم جاز المسح عليهما.. وهو مذهب الشافعي وأحمد، وأوضح هذه الدلالة بقول آخر: فإن كان من تحت الخرق، قلّ أم كثر، جورب يستر القدم جاز المسح (المعجم 1: 28).
وقد اختلف بعض العلماء في الوقت الذي يكبّر فيه الإمام بالمؤتمين فإبراهيم النخعي يرى أنه يجوز للإمام أن يكبّر قبل أن يأخذ المؤذن في الإقامة، وأبو حنيفة يقول: قد قامت الصلاة فليكبّر الإمام: لكن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان - رضي الله عنهما - كانا ينتظران في التكبير قليلاً بعدما تقام الصلاة وبمثل ما كان يفعل الحسن بن علي (المعجم 2: 160).
وفي فضول الأموال روى أنّ الحسن بن علي، وعائشة وابن عمر - رضي الله عنهم - كلهم قالوا لمن سألهم: إن كنت تسأل في دم موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع، فقد وجب حقك
(المعجم 3: 179).
قال أبو نعيم: دخل - أي الحسن بن علي -غازياً مجتاز إلى عزاة جرجان، ومعه عبد الله بن الزبير، وبايعه أهل العراق بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة 40هـ، وأشاروا عليه بالمسير إلى الشام لمحاربة معاوية بن أبي سفيان، فأطاعهم وزحف بمن معه، وبلغ معاوية خبره، فقصده بجيشه، وتقارب الجيشان في موضع يقال له «مسكن» بناحية من الأنبار، فهال الحسن أن يقتتل المسلمون، ولم يستشعر الثقة بمن معه، فكتب إلى معاوية، يشترط شروطاً للصلح، ورضي معاوية فخلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الأمر إلى معاوية في بيت المقدس سنة 41هـ، وسمي هذا العام «عام الجماعة»، لاجتماع كلمة المسلمين فيه، وانصرف الحسن إلى المدينة، حيث أقام إلى أن توفي مسموماً، في قول بعضهم عام 50هـ، ومدة خلافته ستة أشهر وخمسة أيام، وعمره سبعة وأربعون سنة، حيث كانت ولادته في نصف رمضان العام الثالث من الهجرة، وقد ولد أحد عشر ابناً وبنتاً واحدة، وإليه نسبة الحسنيين كافة (الأعلام للزركلي 2: 215) وقد أخرج البخاري في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب مناقب الحسن والحسين، حديثاً رواه أبو بكرة الثقفي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن إلى جنبه، وهو يقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين (7: 74).
وعن مكانته - رضي الله عنه - يروي الترمذي حديثاً حسناً عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا ملك لم ينزل قبل هذه الليلة، استأذن ربه أن يسلم علي ويبشرني بأنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وقد أخرج النسائي حديثاً عن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حسناً - أو حسيناً - فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبّر للصلاة فصلى، فسجد بين ظهراني صلاة سجدة أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي، فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها، حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: كل هذا لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته (جامع الأصول 9: 32).
ولما قيل للحسن ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أذكر أني أخذت ثمرة من ثمر الصدقة، فجعلتها في فيّ، فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها، فجعلها في التمر، فقيل يا رسول الله، وما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي ؟ قال: «إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة» (سير أعلام 3: 246) وكان صاحب رأي حصيف، فقد أشار على أبيه بالمقام، وعدم الخوض في أمر الولاية والقتال، كما أشار على أخيه بذلك فيما بعد.. ولما قيل له إنّ أبا ذر يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة، قال: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له، لم يتمن شيئاً، وهذا حد الوقوف على الرضى بما تصرف به القضاء. وكان يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن القضاء والزيادة، قال إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه: بأنه كان له على الحسن بن علي دين، فقاضاه وزاده نحواً من ثمانين درهماً، وقال أيضاً: تقاضيت الحسن بن علي ديناً لي عليه، فوجدته قد خرج من الحمام، فقضاني ولم يزنه، فوزنته فوجدته قد زادني على حقّي سبعين درهماً، قال يروي ابن عمر أن الزيادة بطيبة نفس شكر للدائن وهو أجر ما أنظره، ولا يُعرف للحسن وابن عمر مخالف من الصحابة، إلا رواية عن ابن مسعود أنه كره ذلك (المعجم 5: 92)، قال ابن الأثير: لما اشتد المرض بالحسن بن علي - رضي الله عنه - جزع فدخل عليه رجل فقال: يا أبا محمد، ما هذا الجزع، ما هو إلاّ أن تفارق روحك جسدك فتقدم على أبويك علي وفاطمة، وجديك النبي صلى الله عليه وسلم، وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم والطيب والطاهر وإبراهيم، وعلى خالاتك: رقية وأم كلثوم وزينب، فسري عنه (أسد الغابة 2: 16).