هبَّ الإعلام الصفوي للدفاع عن قائد إرهابيي العوامية الذي أُدين بجرائم مُتعدِّدة، يصنَّف أدناها ضمن جرائم «الخيانة العظمى» التي تستوجب القتل تعزيرًا. أقر بخلعه بيعة ولي الأمر، وموالاته للمرشد الأعلى الإيراني،
وأُدين بإثارة الفتنة ومواجهة رجال الأمن. لم يكن قائد إرهابيي العوامية إلا عنصرًا فاعلاً في مشروع المد الصفوي في المنطقة، جنّدته إيران ضد وطنه وأهله بعد أن أسبغت عليه بعض ألقابها الدينية. لا فرق بينه وبين أعضاء تنظيمَيْ القاعدة وداعش، الذين أصبحوا معاول هدم لأوطانهم، بل أزعم بأنه أشد خطرًا منهم لتبعيته المطلقة لإيران وانقياده لأوامر المرشد، ومحاربته الدَّولة من داخلها، وتسببه في تشكيل خلايا الإرهاب ودعمها بأموال الخمس التي يفترض أن تذهب للفقراء والمساكين لا تجنيد الإرهابيين.
ساند الإعلام الغربي، وفي مقدمته محطة BBC، حملة العهر الصفوية، وجنّد لها عملاء الإعلام، وخبراء الخيانة. تغطيات إغراقية خُصصت لمنتقدي الأحكام الشرعية الصادرة من القضاء السعودي. وفي الوقت الذي أدانت فيه BBC الحكم على قائد إرهابيي العوامية كانت الحكومة البريطانية تتداول إمكانية توجيه تهمة «الخيانة العظمى» لمئات البريطانيين، الذين يقاتلون في صفوف تنظيم «داعش».
النائب البريطاني المحافظ فيليب هولوبون نقل عن وزير خارجيتهم قوله: «إن مساعدة أعداء جلالة ملكة بريطانيا هي إحدى الجرائم الكبرى التي يمكن لمواطن بريطاني أن يرتكبها»!! يعطي الغرب نفسه كامل الحق في مواجهة العملاء والأعداء المهددين أمنهم واستقرارهم، إلا أنهم لا يتردّدون عن نزع ذلك الحق من الدول العربيَّة، وفي مقدمها السعوديَّة.
صخب الإعلام الصفوي في الخارج قابله صمت مطبق من النخب الإعلامية القطيفية في الداخل، وهي التي كانت تصدح بالإدانة لأحكام مشابهة صدرت بحق إرهابيي القاعدة من قبل. لم يقتصر الصمت على الحكم الصادر بحق قائد إرهابيي العوامية، بل شمل العمليات الإرهابيَّة التي ينفذها عملاء إيران في المنطقة الشرقية. أزعم بأن صمت النخب الإعلامية، وأصحاب الفكر ورجال الدين في القطيف، أسهم في تفاقم الوضع، ونمو العمليات الإرهابيَّة وتمددها، وتوثيق العلاقة بين بعض شباب قرى ومدن القطيف والأجهزة الأمنيَّة الإيرانية المتوشحة بوشاح المرجعية الدينية.
استهداف رجال الأمن والمنشآت النفطية لم يعد تصرفًا صبيانيًا كما يصفه بعض المنتقدين على استحياء، بل عمل منظم، تقوده قيادات استخباراتية صفوية، تهدف إلى تقويض الأمن، وإشعال المنطقة، وتدمير مقوّماتها الاقتصاديَّة. بات العمل الصفوي في المنطقة الشرقية أكثر تنظيمًا، وارتباطًا بتوجُّهات إيران.
تستخدم إيران عملاءها كأدوات لتحقيق أهدافها السياسيَّة، وهي وإن توشحت برداء المرجعية الدينية إلا أنها تبقى أكثر ولاء لفكرها الصفوي، وأهدافها السياسيَّة والسلطوية. تُعد منابع النفط ومعامل التكرير أحد أهم المواقع المستهدفة من قِبل إرهابيي العوامية المؤتمرين بأوامر الاستخبارات الصفوية. لم يكن اشتعال خطوط نقل النفط في المحاولات الماضية عرضيًا، بل أزعم بأنّه جزء رئيس من أهدافهم التخريبية. استهداف المنشآت النفطية يؤكد أنهم لا يكترثون بأمن وسلامة أهلهم ومدنهم وقراهم الحاضنة لها، بل ربَّما ضحوا بكلِّ ذلك في مقابل تنفيذ مخططهم الإرهابي الصفوي المشؤوم.
في منتصف الثمانينيات الميلادية أقدم مجموعة من إرهابيي «حزب الله السعودي» على تنفيذ عملية إرهابية في مصنع «صدف» بالجبيل الصناعيَّة. نجحوا في تفجير أحد الخزانات المحتوية على غازات مميتة. لو لم تتم السيطرة على الخزان ومحاصرة غازاته المدمرة لتسببت العملية في إبادة المدينة بمن فيها. لا يكترث أولئك الإرهابيون بنتائج عملياتهم التخريبية وإن أحدثت دمارًا شاملاً، بل ينصب تفكيرهم على تنفيذ الأوامر الصادرة لهم من إيران.
الحرب على الإرهاب الصفوي ذات شقين رئيسين، أحدهما أمني، والآخر إعلامي. الصمت عن جرائم الإرهاب الصفوي في العوامية من قِبل النخب الإعلامية، الفكرية، والدينيَّة القطيفية يسهم بشكل كبير في استمراريتها، وتحولها مع مرور الوقت إلى نبتة تضرب بجذورها في أعماق المنطقة، وتُهدِّد سلامتها وأمنها واقتصادها، وهو ما لا يرغب أحد في حدوثه.
الضرب بيد من حديد، وفضح المنتمين لجماعات الإرهاب الصفوي، ومواجهتهم مجتمعيًّا وإعلاميًّا، وتجريمهم، من الأدوات الحاسمة في مواجهة الإرهاب الصفوي، وهو ما يستوجب على أهل القطيف دون سواهم العمل على تحقيقه.