في موقع يتناول الدليل إلى النوم في المطارات، تم وضع استبيان عن أفضل المطارات في قارات العالم، من بينها أفضل وأسوأ مطارات الشرق الأوسط، وكان من الطبيعي أن تحتل مطارات دبي والدوحة وأبوظبي الأفضلية بالترتيب، مع غرابة أن يتبعها مطار مسقط، فمطار تل أبيب!
لكن المفاجاة أن تحتل أهم ثلاث مطارات من مطاراتنا الكبرى، مراكزها في قائمة أسوأ خمسة مطارات، صحيح أننا ندرك أن مطاراتنا متردية كثيراً، من حيث الخدمات والتسهيلات والراحة، لكن ليس إلى حد أن يحصد مطار الملك عبدالعزيز بجدة أسوأ مطار في الشرق الأوسط، ينافسه في السوء مطار صنعاء الذي يحتل المرتبة الثانية، فهل يعقل إن هذا المطار السيء هو واجهتنا الوحيدة لضيوف بيت الرحمن؟ ثم ألا نخجل أن يحمل هذا المطار اسم مؤسس هذه البلاد؟ اسم أهمية شخصية مؤثرة في القرن العشرين؟
وهل يليق بنا، أن ينافس مطار الملك فهد الدولي بالدمام، مطار دمشق في السوء؟ بحيث يسبقه بدرجة؟ هل يمكن أن ينافس مطار إحدى دول العشرين الأقوى اقتصاداً في العالم، المطار الذي على بعد كيلومترات من أهم موارد الطاقة في العالم، على مراتب أسوأ مطارات في الشرق الأوسط؟
ألا نخجل من أن يقبع مطار الملك خالد الدولي، مطار عاصمة المملكة العربية السعودية، في المرتبة الخامسة ضمن قائمة أسوأ مطارات الشرق الأوسط؟ هذه العاصمة التي تمثل الوجهة الإقليمية الأبرز سياسياً واقتصادياً؟
صحيح أننا لسنا بحاجة إلى استبيان كي نعرف مكانة مطاراتنا، ومستوى خدماتها، لكننا خجلنا فعلا من أن ننافس مطارات دول فقيرة في السوء، دول تعاني اقتصاداتها على مدى نصف قرن وأكثر، بينما نرفل نحن بثروات اقتصادية، وميزانيات مليارية هائلة، ولم نزل ننتظر تطوير هذا المطار أو ذاك، بينما العالم حولنا يسبقنا بخطوات واسعة!
في المطارات المتطورة يجد المسافر، أو العابر من خلال (الترانزيت) خدمات رائعة، كما لو كان في فندق خمس نجوم، من توفر خدمة الإنترنت المجانية، والمطاعم والمقاهي الفاخرة، ومحال التسوق الشهيرة، والصالات التي توفر مقاعد مريحة، سواء للجلوس أو الاسترخاء والنوم لأوقات قصيرة، والفنادق الملاصقة لهذه الصالات، للمبيت لليلة أو ما شابه، والمترو المجاني بين الصالات والفنادق، وخدمات كثيرة تفوق تصوراتنا من صالات رياضية ومسابح، وكل وسائل الترفيه الحديثة!
مطاراتنا للأسف قديمة ومتهالكة، حتى التطوير الجديد في صالات مطار الملك خالد، تركز معظمه على صالات النخبة، وهي المتاحة لركاب الدرجة الأولى، ورجال الأعمال، وتم استخدام الفراغ العلوي لإنشاء هذه الصالات النخبوية، لأن هذه الصالات الثلاث في المطار صغيرة جداً في مقاييس المطارات العالمية الحديثة، ولن يضيف تجديدها شيئاً مقنعاً!
إن أكثر ما نعانيه بخصوص التنمية في البلاد، عدم التخطيط للمستقبل بشكل جيد، فمطار العاصمة كان مناسباً عند إنشائه، أي بمقاييس المطارات قبل ثلاثين عاماً، لكنه الآن يعتبر مطاراً متواضعاً لعاصمة يقطنها نحو سبعة ملايين نسمة!
ولعل من حسن الحظ، أو ربما التخطيط الذي يفوق تصوري، أن مساحة أرض المطار ضخمة جداً، تتسع لأكثر من مطارين عالميين بخدماتها وفنادقها، لكن هل يحمل المستقبل مشروعات مفاجئة، بخلاف إنشاء صالتين جديدتين؟ ربما!