كشف لـ (الجزيرة) مصدر مطلع في محكمة الاستئناف بالرياض أن صكوك ملكيات الأراضي الملغاة بأحكام قضائية والمعلن عن بعضها مؤخراً، والتي تقدر مساحاتها بملايين الأمتار المربعة تعود في أصل إصدارها لعدد من الجهات والأشخاص وليس شخصاً أو جهة واحدة، مؤكداً أن منها ما يتعلق بالاعتماد على صكوك إنهاء خصومة لا صكوك حجج استحكام بإثبات التمليك.
وأشار المصدر إلى أن الصكوك الملغاة مبنية فيما يظهر من بعضها على مجرد دعاوى وهمية تم رفعها أمام المحاكم صورياً، ومنها صكوك مزورة وصكوك أخرى مخالفة للتعليمات وقد تم بيعها جميعا، ويعتبر كل منهم غاراً بحسب التكييف الشرعي.
وأكد مصدر محكمة الاستئناف بالرياض: أن من تلك الصكوك ما تمت نسبته لجهات وأشخاص اتضح أنه لا علاقة لهم بها من خلال عدم تكامل البيانات المنسوبة إلى هذه الجهات أو الأشخاص، مبيناً أنه لا أرشيف لها مما يعني أنها منتحلة عليهم، وأن بعض كتاب العدل المكفوفة أيديهم قد يكون تواطأ في ذلك.
وأضاف المصدر: «إن العديد من الصكوك الملغاة تمت دراستها في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بمشاركة العديد من الجهات الحكومية، بعد أن رفعت عنها وزارة العدل على إثر البلاغات ولجان الفحص التي تنفذ الأوامر والتعليمات، ورأت إحالتها إلى القضاء»، موضحاً أن المراجعة والبلاغ من وزارة العدل ابتداء فيما الدراسة لهيئة الخبراء لاحقا، ومن ثم الإحالة إلى القضاء، وكل ذلك تم بتوجيهات كريمة.
ولفت المصدر إلى أن مساحات هذه الأراضي تشمل أرقاماً صادمة وفلكية، وليس لمحكمة الاستئناف ولا غيرها النظر في تسوية أي وضع لها ولا حتى اقتراحه، لأنه لا يخصها ابتداءً ولا انتهاءً بل هو لمن يملك صلاحية ذلك ولائياً، وهو الذي يقدر المصلحة الشرعية والوطنية.
وتابع المصدر: «إن الوعي العام والرقابة والمتابعة وتتبع المعلومات ابتداء لم يعد كالسابق، وليس في إمكان أحد من أصحاب تلك الصكوك أن يخفي ما هو مكشوف أمام الجميع».
وأردف المصدر:» إن التقنية الحديثة كشفت أساسات تلك الصكوك أمام القضاة وكتاب العدل بضغطة زر، وهم تبعاً لذلك يرفعون عن كل ملحظ لوزارة العدل التي بدورها يلزمها شرعاً ونظاماً إجراء اللازم حيالها، وإلا كانت بعد إبلاغها متسترة عليها وتتحمل المساءلة».
وأضاف المصدر: إن ذلك يأتي علاوة على ما ترفع بلاغاته رأساً للمقام السامي وللجهات الرقابية، ثم يرد الوزارة لاحقاً لإكمال لازمه الشرعي والنظامي ثم تتلو بعضها دراسات كما سبق من قبل هيئة الخبراء، وبعضها داخل في واجب الرفع من قبل الوزارة رأساً حسب الأوامر والتعليمات.
وكان مصدر مسؤول بمحكمة الاستئناف بالرياض قد أكد لـ «الجزيرة» في وقت سابق بأن الصكوك المزوَّرة والمتجاوزة للأنظمة لا حصانة ولا قيمة لها، وقد تنطلي على الموظف، كما تنطلي عليه العملة المزورة، وأن قاعدة القضاء منذ تأسس حتى اليوم هي الحكم في هذا بالرجوع على البائع، وقد ألغيت صكوك من عشرات السنين، لكنها بالطبع أقل في المساحات بكثير، وهي مفرغة في الأساس من كتابات العدل، فرفع أصحابها دعاوى على البائعين وتم فصل كتَّاب العدل وأحيلوا للعقاب «الجزائي».
وأبان المصدر أن هذه القاعدة تعتبر مبدأ تسير عليه عموم الدول سوابقها القضائية أو تقنيناتها، وذلك بالرجوع على طرف العقد الغار، فكتابة العدل تفرغ للمشتري صكاً تقدم به البائع والمشتري برضاهما، لكن أن يكون الصك دخل سجلات العدل بالتزوير والتلاعب، مشيرا إلى أن هذا لو أجيز تحت أي ذريعة أو حصل له تعويض من قبل غير الشخص الغار لكان مجالا للنصب والاحتيال على نطاق واسع، وأصبح التملك بالتزوير والاحتيال يحصل من خلال أول عملية تزوير يتم بعدها إجراء عملية غسيل للصك.
جاء حديث المصدر المطلع تعقيبا على ما نشرته «الجزيرة» حول استعداد اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض لتنظيم جهود منتسبيها المتضررين من إلغاء صكوك الأراضي مؤخراً، - وفقا لمصادر خاصة - قالت إن هذا التحرك سينصب لحماية حقوق منتسبيها من أصحاب الصكوك الموثقة بمبايعات رسمية، مشيرة إلى أن هناك خطوات متقدمة قد اعتمدت في هذا الإطار، من ضمنها: فتح حساب بنكي لتمويل تكاليف متابعة ومرافعة فريق قانوني متخصص يتولى الترافع عن المتضررين.
وكانت محكمة الاستئناف بالرياض قد ألغت مؤخراً صكوك أراض بمساحات تجاوزت 500 مليون متر مربع بقيمة 400 مليار ريال، على أن تتم إعادة هذه الأراضي إلى الدولة بعد أن رصدت وزارة العدل وجود صكوك مخالفة لمساحات شاسعة من الأراضي في عدة مواقع بالرياض. بعد أن ثبت رسمياً لها أنَّ استخراج تلك الصكوك داخل المدن تم بطرق غير نظامية، وأنها كانت محتكرة التداول بين تجار العقار بصفقات ضخمة، ولا تصل للمواطنين من خلال البيع العام.