هناك - وهم الغالبية - أسوياء وعقلاء ومخلصون لوطنهم من مواطني المملكة سنّة وشيعة، يقابلهم قلة قليلة ممن هم على غير ذلك؛ سواء من السنّة أو الشيعة، أولئك الذين يتصرفون على النحو الذي يلحق أبلغ الضرر بالوطن والمواطن، في سلوك مرفوض ومدان، ليس من الجهات المسؤولة فحسب، وإنما من المواطنين، بأكثريتهم السنية والشيعية الساحقة.
***
هؤلاء الذين يُسقطون حق الولاء والإخلاص للوطن، وأولئك الذين ينافحون ويدافعون عن مصلحة الوطن، هم مواطنون سعوديون، تجمعهم الهوية، والانتماء، والدين الواحد، وإن كان هذا ذا مذهب سني، والآخر ينتمي إلى مذهب شيعي، وبالتالي فالتعامل مع خطأ أو تصرّف أو سلوك يضر بالوطن والمواطن من هذا أو ذاك يتم التعامل معه على قدم المساواة ومن منظور واحد.
***
الجميع - وهذه حقيقة- سواسية أمام القانون، يحاسب كل مواطن بحسب أفعاله، ومن يتعرّض لمظلمة فالمؤسسات العدلية من محاكم ابتدائية وعليا واستئناف أبوابها مفتوحة لإنصاف الناس، وحمايتهم من أي تعسف، أو ظلم، أو عدم إنصاف، يتساوى في ذلك الصغير والكبير، السني والشيعي، السعودي وغير السعودي الذي يقيم مرحباً به في وطنه الثاني المملكة العربية السعودية.
***
وأي توظيف لمذهب، استعطافاً لأعداء المملكة، ممن يرتكبون الجرائم بحق الوطن والمواطن، ويصرون على تكرارها، ويعلنون على الملأ الولاء لدول أخرى، وإنكار البيعة لولي الأمر في بلادنا، ويرتكبون المحذورات في حق الصحابة، إنما يصنفون بأنهم أعداء بحق الوطن، ويجب تجريمهم، وإنزال العقوبة التي يستحقونها وتتناسب مع حجم جرائمهم، بصرف النظر عن نوع المذهب الذي ينتمون إليه، أو القبيلة التي ينحدرون منها.
***
نمر النمر مواطن سعودي، يحمل الهوية السعودية، له حقوق، كما أن عليه واجبات، أما حقوقه فقد تحققت له مثله في ذلك مثل كل مواطن، أما واجباته فهي في السمع والطاعة لولي الأمر بما لا يتعارض مع تعاليم الله، واحترام مكانة الصحابة رضوان الله عليهم، والإخلاص للوطن، وعدم استخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتأجيج المشاعر، أو إثارة الفتنة، أو تحريض الناس للقيام بأفعال وأعمال تصنف ضمن قائمة الإضرار بالوطن، وهي ما أباحها نمر النمر لنفسه مستخدماً المنابر والأسلحة وكل ما يحقق الوصول إلى هدفه.
***
وما هو أسوأ من ذلك أن يرتهن لإيران، يتلقى الأفكار والتعليمات منها، ويتلقف توجيهاتها وخططها وبرامجها لزعزعة الأمن والاستقرار في بلادنا، ثم لا يتراجع، أو يعتذر، أو يعلن الندم على ما بدر منه، وكانت الفرصة متاحة له خلال محاكمته، لكنه بقي مصرًّا على ما فعله، معلناً عدم استعداده للتراجع عن كل سلوك مشين، أو تصرّف أحمق، أو ممارسات رعناء بدرت منه على مدى سنوات، يشجّعه في أخذ هذا الموقف المتعنت روح التسامح الذي كان سمة التوجه السعودي في التعامل معه في مرات سابقة، والدعم الإعلامي المكثف من إيران ومن يدور في فلكها من الإعلاميين المنتمين إلى سياساتها.
***
إن قرار المحكمة بالحكم بقتله تعزيراً، مع إتاحة الفرصة له للاستئناف، هي فرصة للمتهم نمر النمر لمراجعة مواقفه، والتراجع عن كل ما كان سبباً في إدانته والحكم عليه بالقتل، كما هي فرصة لإفهام العالم بأن إعطاءه فترة شهر من صدور الحكم ليقدِّم ومحاميه لائحة الاستئناف، ويدافع عن مواقفه، إنما هو دليل على سلامة المحاكمة، ومنهج العدل الذي تتميز به محاكم المملكة، وأي تفسير آخر لأسباب الحكم بالقول: إنه سجين رأي هو من باب ذرّ الرماد في العيون.
***
لقد حُوكم من أهل السنَّة من المواطنين المذنبين والمجرمين أكثر بكثير ممن أخذوا إلى المحاكم من أهل الشيعة المذنبين والمجرمين، وحكم بالقتل أو بالسجن أو الجلد على أهل السنة المذنبين بما لا مجال لمقارنته بمن أذنبوا ممن يعتنقون المذهب الشيعي، وهذا دليل دامغ على أن التعامل مع جميع المواطنين يتم على أساس المواطنة، ودون النظر إلى المذهب الذي يعتنقه أي من المواطنين، إذ إن هذا المعتقد أو ذاك، إنما يكون بينه وبين ربه وهو من سيحاسبه، مع التأكيد على أن المملكة - وهي بلاد الحرمين الشريفين- لا تسمح ولن تتسامح بمخالفة أي مواطن - أياً كان مذهبه - للمعتقد الإسلامي الصحيح في احترام الصحابة، وتوقيرهم، والاقتداء بهم، ومن يفعل غير ذلك فهو يعرِّض نفسه للمساءلة، والمحاكمة، وإنزال أشد العقوبات بحقه، ولن يفيده الإعلام الموالي لإيران أو غير إيران
***
ما أتمناه أن يعلن نمر النمر توبته، ويصحح معتقداته الفاسدة، ويعلن الولاء لوطنه، والاعتراف بشرعية وبيعة ولي الأمر، ويؤكد بالقول والفعل معاً ندمه على ما كان سبباً في سجنه، فمحاكمته، ثم الحكم عليه بالقتل، لأنه حين يفعل ذلك، إنما يحول -ربما - دون تنفيذ الحكم بقتله -إن شاء الله - وهو ما نتمناه له ولكل مواطن ضل الطريق الصحيح، وعاد عن قناعة وإيمان، مواطناً سوياً، لا يخالف شرع الله، ولا يخون وطنه فعسى أن يفعل ذلك.