ابنك وأنت تربيه..، وتنشِّئه، فإنك تحرص على أن يسلم من الخطأ..،
فأول ما تصوِّب فيه مخارج لفظه، حتى إذا ما ذهب من ذهب يداعبه بما يتقدم في لسانه، أو يتأخر من حروف الكلمة قمت بحمية الأب تصوِّب كلمته..
فإذا ما استوى أمامك فاره القدمين..، واعي البصيرة..، لمّاح الفكر..، حاضر البديهة، يضع الكلمة صحيحة معبّرة في موقعها..، يتصرف في كل موقف بما يتطلّبه..، فلسوف تمتلئ فخراً بما أنجزت..، وستكون فرحاً بمنجزك فيه، وربما ستروح بعيداً تتباهى بكل ما يصدر عنه، وفي كل مرة تبدأ بتحصينه..، وتنتهي بإكنافه، فما شاء الله لا قوة إلاّ بالله حرزك ، واللهم اكنفه في رعايتك وحصنه..، احفظه وأعيذه..، سيكون ما تتصرف تلقائياً يوحيه لك حدب الوالد، ورحمة المحضن..
ابنك هذا هو فرد في محضنك الصغير..
لكنه مذ يقف على قدميه، وتطولان به، فإنهما ليستا العضوين الوحيدين في جسده اللذين سيكبران ويطولان..، ويخرجان عن بوصلة توجيهك..
بل سيفعل قلبه، وعقله، فكره المتراكم فيه كل ما تلقى عنك، وعن غيرك، وقلبه الذي احتوى ما غرست فيه، وما لم تغرس أنت..
هذا ابنك ذكراً، و أنثى لم يَعُد صنيعك وحدك حين دبت قدماه نحو المدرسة، والشارع، والصاحب، والإعلام، والكتب، والمطعم، والمكتبة، والسوق، والبقالة، والرفقاء، كل أولئك بعدك غدوا مصادر تلقِّيه..
ابنك هذا ليبق مصدر بهجتك..، لا تدعه وحيداً لأغبرة الشارع..، والمفازات..، وظلمة الليل، والوحدة مع منافذ الريح..، والنسيم..، والعواصف.. والخضرة..، والجفاف، والنار، والظلمة..
ابنك هذا، احدب عليه بشلال عنايتك، ورحمة أبوّتك، أو أمومتك، وبصيرة حسّك، ونور يقظتك..
إنه ابنك، الذي وُلد في زمن كثرت منعطفاته، وشحّت فضائله، وتكدّست مغبّاته، وفتنه..
فابنك وإن كبر، فإنه الرفيق الذي لن تعجف شجرتك وهو غيمتها..
فليمطر عليك ما أودعته فيه..!
حين يكون الذي صنعت مستداماً ربيعاً..!