في البداية عند استقبال الأسرة مولوداً معاقاً، هنا يقع الوالدان بمراحل ردود فعل نفسية أولية والتي تتجلى واضحة وصريحة بعد تشخيص حالة الطفل، وفي هذه الحالة يستجيب الآباء للتشخيص بإعاقة الطفل بمجموعة من الردود حيث تنتابها مشاعر متباينة، وتعتبر الصدمة أول رد فعل ينجم من جراء وجود طفل معاق في الأسرة، حيث يعاني أفراد الأسرة من الارتباك، وتبدأ الأسرة في طرح عدد من التساؤلات التي تعبّر عن الصدمة مثل: أنا لا أصدق ذلك، ماذا أفعل، ابني يعاني من مشكلة؟.. وغيرها من التساؤلات.. وبعد ذلك تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة الإنكار والرفض حيث يلاحظ أن الآباء ينكرون الإعاقة عند ابنهم ويعزون الخلل إلى أخطاء في عملية التشخيص، وقد تبحث الأسرة عن مصادر متعددة لتشخيص الحالة، وتركز الأسرة في هذه المرحلة على أشكال السلوك التي يقوم بها الطفل، والتي تدل على عدم وجود مشكلة أو إعاقة لديه وأنه لا يختلف عن إخوانه في بعض المظاهر، وهذا الأمر قد يبقى فترة مؤقتة عند الأسرة، وقد يستمر فترات طويلة مع الآخرين, ويبدأ أفراد الأسرة بطرح أسئلة، منها: كيف يدّعي الطبيب أن طفلنا عنده مشكلة؟.. وهل تشخيص الطفل في وقت قصير كفيل بإظهار مشكلته؟ حيث إن الوالدين يرفضان التشخيص ويدخلان في نقاش غير مريح مع الإخصائي، وبعد ذلك تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة الحزن أو الأسى، فإن شعور الوالدين بالأسى والمرارة لا ينبع فقط من وجود الطفل المعاق في المنزل، بل إن هذا الشعور قد يتولّد نتيجة شعور الوالدين بأنهما السبب في وجود هذا الطفل، وأن الإعاقة قد غيرت مجرى حياتهم وأنه لم يعد بمقدورهم أو من حقهم أن يبتسموا أو يستمتعوا بحياتهم، وهذا الشعور بالتعاسة والشعور بالأسى وخيبة الأمل يصاحبه الانطواء، والبكاء، وربما بعض الأمراض الجسمية مثل الأرق، وفقدان الشهية وغير ذلك من الأعراض.. وبعد ذلك تأتي المرحلة الرابعة وهي مرحلة الغضب وفي هذه قد توجه الأسرة غضبها إلى الخارج فيقوم الوالدان بانتقاد أجهزة المستشفى، حيث لم تكن التجهيزات على مستوى مناسب وقت الولادة، وقد يوجه النقد إلى الأطباء بأنهم حديثو العهد بمجال الطب ومهارتهم ليست عالية، وبعد أن يتأكد الوالدان بالفعل أن طفلهما يعاني من صمم يوجهان غضبهما نحو الطبيب الذي أخبرهم بإعاقة الطفل، ثم يوجه الغضب على الطفل الذي سبب لهما الألم، وحطم أحلامهما لما يسببه من عبء ثقيل على حياتهما.. وبعد ذلك تأتي المرلة الخامسة وهي مرحلة الشعور بالذنب، وفي هذه المرحلة يستبدل الوالدان شعور الحزن والغضب بشعور عميق بالذنب يكمن السبب فيه أن الضرر الذي لحق بالطفل هو عقاب من الله على ذنوبهما السابقة، ويبدأ كل منهما بإلقاء اللوم على الطرف الآخر في أنه سبب إعاقة الطفل كأن يكونا قريبين مثلاً أو أن أحدهما يعاني من إعاقة ما، أو أن الأم لم تتبع سبل الوقاية أثناء فترة الحمل لأنها تتعاطى الأدوية دون استشارة الطبيب، أو أهملت أساليب التغذية السليمة أو ما شابه ذلك ويتمركز في هذه المرحلة النقد نحو الذات بحيث يلوم الأب نفسه أو زوجته، وقد تلقي الزوجة باللوم على نفسها، أو زوجها.
وبعد ذلك تأتي المرحلة السادسة وهي مرحلة الشعور بالاكتئاب حيث يتطور لدى الوالدين شعور بالاستسلام حول حقيقة إعاقة طفلهما، وقد ينعزل الوالدان عن الآخرين وينتابهما شعور بالأسف الشديد والحزن، حيث تخفي الأسرة وجود طفلهم المعاق خوفاً من نظرة الآخرين وما سيقولونه عنهم.. وأن الاكتئاب هنا يعني الغضب الموجه نحو الذات لذلك يغضبون من أنفسهم عند شعورهم بالعجز أو قد يشعرون أنه كان باستطاعتهم عمل الكثير للوقاية من الإعاقة، ومن ثم يغضبون من أنفسهم لأنهم لم يفعلوا كل ما في وسعهم.
وأخيراً تأتي بعد ذلك المرحلة السابعة والأخيرة، وهي مرحلة التقبل والتكيف وتمثّل هذه المرحلة اعتراف الوالدين بالحقيقة، ويصل الأمر إلى الواقعية والتفكير والتعامل مع الطفل من دون شعور بالخجل أو بالذنب، ويتخلى الوالدان عن مسألة اللوم والإسقاط وتبرير وجود الإعاقة في نطاق الأسرة ويهتم الوالدان في هذه المرحلة ببرامج رعاية الطفل، فيشعران بالمسؤولية تجاهه ونحو طرق علاجه ورعايته وفي هذه المرحلة تُبدي الأسرة تفهماً للوضع الجديد والبحث عن حلول لتلبية الاحتياجات والمستلزمات الخاصة لطفلهما والتكيف النفسي والاجتماعي بالنسبة للوالدين وأفراد الأسرة بوجه خاص وعلى المستوى الأسري والمعارف بوجه عام.
ومن هذا المنطلق اتجه التربويون والمتخصصون والمسؤولون إلى مد يد العون والمساعدة للأخذ بيد أبنائنا المعوقين فأنشأوا لهم معاهد وبرامج التربية الخاصة وقاموا بتطويرها على أحدث الأساليب العلمية الحديثة مع توفير الخدمات التربوية الخاصة والمساندة ورعايتهم مادياً ومعنوياً ونفسياً وصحياً وتعليمياً على أيدي نخبة من المتخصصين في تربية وتعليم هذه الفئة.