من أبسط حقوق الشاعر على الصحافة الشعبية أن تسعى إليه وأن تُقَدِّمه بالصورة التي تليق بتجربته، ولكن في المقابل يجب أن يُفعِّل الشاعر حضوره - كما ينبغي - في الحراك الثقافي وتحديداً الأدبي منه فيما يخص الشعر الشعبي على وجه الخصوص.
وسأطرح حالتين هنا وللقارئ الكريم ترجيح من يرى أن له أولوية الدعم الإعلامي.. الأولى: شاعر متمكن من أدواته الفنية في قصيدته، يكتب الشعر الوطني المشرّف الذي يعكس اللحمة الوطنية والولاء والوفاء لولاة الأمر الكرام - أطال الله عمرهم وأدام عزهم - وكذلك تَطرَّق في قصائده لأكثر أغراض الشعر، يضاف إليها استشعاره لدوره كشاعر في المجتمع ومحاربته للآفات التي تفتك بأفكار الشباب وصحتهم كالإرهاب والمخدرات وما سواهما، وكذلك يحسب له توظيفه لحسه الإنساني في دعمه عبر الشعر لذوي الاحتياجات الخاصة، أيضاً مواكبته ومعالجته ورصده لكل ما يستحق تسليط الضوء عليه عبر القصيدة بشكل تُوثِّقه نصوصه، ومع كل ذلك يُمثِّل المسلم العربي السعودي في سلوكه القويم وخُلُقُه الرفيع، في حضوره المثالي عبر الإعلام بتنوعه المقروء والمسموع والمرئي بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي.
أما الحالة الثانية: فهي قصائد شاعر يتطرق فقط لذاتياته البحتة التي لا تهم الآخرين، لتدني أهميتها غالباً ناهيك عن مواطن ضعف عديدة في قصائده - من منظور نقدي - ولازالت تجربته في طور التكوين والتمرّحُل ولم تتبلور تماماً، ومع هذا مصاب بِتَضَخُّم - الأنا - والنرجسية ويرغب في أن يقدم بصورة تلمعه وتخدعه وتَضرُّه ولا تنفعه، بل يجعل من هم في حداثة عهدهم بالشعر أمثاله يتهافتون على الشعر للتنافس على الضوء لا على جودة الشعر، بمعنى أن المسألة برمتها بالنسبة له - برستيج وإكسسوار اجتماعي - على حساب الشعر الشعبي الحقيقي ودوره الفاعل - وشفافية - مدارات شعبية - مع قرائها الكرام تُحتِّم طرح مثل هاتين الحالتين اللتين هما من (صميم واقع الساحة الشعبية) لإثراء النقاش وعدم مصادرة قناعات الآخرين.
وقفة للشاعر سليمان بن شريم - رحمه الله -:
ولا اطلب ثنى المعروف من غير صاحبه
أقيسه بعقلي واستدلِّه بالأمثالِ
ولولا الدلايل ما اقتدى ساير الدَجَا
ولولا الْمَعرْفَهْ ما ادراك الجود رَجَّالِ
ولا نيب أجازي راعي الطِّيب بالرَّدى
وانا خابرٍ ما ادركت يِذْكَر من افْعَالِ
أجازيه بالحسنى على الطيب والنَّقَا
وأَشِّيعْ ثَنَا مَجْدِه على روس الأقذالِ
ولو بارْ بي تالي زمانه وْحَسَّنِيْ
مقادِمْ كراماتِهْ تكفّي عن التَّالي