شهد أمس الأول الأحد، اليوم الثاني من افتتاح الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية صراعاً كبيراً بين أبرز المرشحين في السباق نحو قصر قرطاج، بالرغم من اختلاف الفضاءات التي احتضنت الاجتماعات الشعبية التي انطلق منها المترشحون وتفاوت نسبة حضور الجمهور داخل قاعات الاجتماع.. إلا أن الخطب التي ألقاها قياديو الأحزاب السياسية وعدد من المستقلين، لم تكن مختلفة عن بعضها وإن استعملت فيها مفردات متباينة ولكنها تفيد نفس المعاني.
فقد شدد الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس ومرشحها للرئاسية من أمام ضريح الزعيم الحبيب بورقيبة ملهم الحركة وأبيها الروحي، على ضرورة استرجاع الدولة لهيبتها، الأمر الذي يستوجب رئيساً يمثّل جميع التونسيين بمختلف توجهاتهم ويكون بمثابة «رئيس الوحدة القومية»، مبيناً أن دوره يتمثّل في إرجاع الدولة لكل التونسيين، مضيفاً أن المترشح للانتخابات الرئاسية لا بدّ يكون أن رئيساً لكلّ التونسيين وينسى انتماءاته السياسية الضيقة، ومبرزاً أن الدولة التونسية هي لشعب مسلم قائلاً: «حتى لا يزايد أحدٌ على ذلك»، ومشيراً إلى أن هذا ما نص عليه أول دستور للجمهورية التونسية الذي كتبه الزعيم بورقيبة بخطّ يده.. وجدد السبسي الذي فاز حزبه بـ 85 مقعداً في البرلمان الجديد من جملة 217، تمسكه بترشحه في رد مباشر على مقترح رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر وبعض القوى الديمقراطية على وجوب اختيار مرشح واحد للرئاسية يختزل في برنامجه السياسي ما يطمح إليه بقية المرشحين.
وكان السبسي منتشياً بحضور آلاف التونسيين لحفل انطلاق حملته الانتخابية، حتى من غير المنتمين إلى النداء والذين راقت لهم توجهاته وهم يتنبأون بفوزه بمقعد الرئاسة بالنظر إلى حظوظه الوافرة والتفاف أغلب الشعب التونسي حوله خصوصاً أنه يعتمد في حملته على الفكر البورقيبي الذي أضحى يلقى رواجاً كبيراً منذ سنتين على ضوء فشل القوى الجديدة، الترويكا المستقيلة، في إدارة الشأن العام.
وينبع اقتناع السبسي بحظوظه الوافرة من عدة اعتبارات لعل أبرزها الفشل غير المعلن عن مساعي التيارات التقدمية الوسطية في توحيد كلمتها واختيار مرشح وحيد لها في الرئاسية على خلفية تمسك كل مترشح بأحقيته في الترشح مما أضر كثيراً بمقترح مصطفى بن جعفر الذي كان الهدف الأساس منه قطع الطريق أمام وصول السبسي إلى قصر قرطاج وإمكانية تغوُّل النداء وهيمنته على رئاسة الحكومة ورئاسة المجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية في نفس الوقت «بتعلة» الفوز في التشريعية.
أما الرئيس الحالي المنصف المرزوقي مرشح حزب المؤتمر، الحليف الأكبر للترويكا المستقيلة، والذي يصر على أن له أقوى الحظوظ للبقاء في منصبه بقرطاج بالرغم من الواقع يؤكد عكس ذلك، فلم يغير من لهجته الهجومية حيث لم يستثن قوى النظام السابق ورموزه الذين «نجحوا في كتم أصوات الحق سابقاً ثم عادوا إلى الساحة ليحيوا ما تبقى من الفكر الاستبدادي»، معبراً عن يقينه على أنه في حال فوزه بالرئاسية، سيكون صمام الأمان ضدّ التغوُّل وضد عودة الاستبداد والنظام القديم بجميع تفرعاته، مضيفاً أن قصر قرطاج سيكون القلعة الحصينة للدفاع عن الحريات وحماية الديمقراطية.
من جهته،أكد المترشح المستقل للانتخابات الرئاسية منذر الزنايدي، أحد أبرز وزراء بن علي، أنه على رئيس الجمهورية المقبل أن يجمع بين كلّ التونسيين بعيداً عن الصراعات الحزبية، وتعهد في صورة فوزه في الرئاسية، بتنظيم مؤتمر وطني لحماية شباب تونس من الانخراط في التنظيمات والأعمال الإرهابية، إضافة إلى إحداث مجلس وطني لقضايا الشباب ينظر في سياسة حماية ووقاية الأجيال الجديدة من الأفكار الإرهابية الهدامة.
وأضاف لدى افتتاحه حملته الانتخابية، بأنه سيعمل على تحييد بيوت الله عن الصراعات الحزبية والأيديولوجية حتى تكون منارة لإشاعة روح التسامح والوسطية والاعتدال.
وفي نفس الإطار، ومع اختلاف كبير عن باقي المترشحين باعتبار تركيزه على مسقط رأسه دون باقي الجهات، أشار مرشح حزب تيار المحبة للانتخابات الرئاسية محمد الهاشمي الحامدي العائد إلى تونس بعد غياب بلندن دام 18 عاماً، إلى نجاح جهة سيدي بوزيد، منطلق شرارة الثورات العربية في تغيير تاريخ العالم بأكمله وصنعها معجزة أولى حينما كانت أولى الجهات التي ثارت على الظلم والحيف والتهميش.