أُعلن أخيرا عن انتهاء صفقة الاسلحة بين لبنان وفرنسا، وهي الصفقة التي وعدت المملكة بتمويلها كاملة. هذا الإعلان، تمت بموجبه الصفقة رسميا وبشكل نهائي ولم يعد ثمة مجال للمزايدات، كما أثبتت أيضا أن الزعماء الكبار إذا وعدوا أوفوا بوعودهم، وأن أولئك المشككين في أن الصفقة لن يجري تنفيذها على أرض الواقع، أثبتوا أنهم إما لا يعرفون معنى أن يعد عبدالله بن عبدالعزيز، واحترامه لكلمته، أو أنهم مجرد (عملاء) لجهات أجنبية، لا يهمهم أوطانهم، وإنما الوفاء لمن استأجرهم كأبواق لتنفيذ أجندات محددة لمصالح لا علاقة لها بأمن لبنان (الكيان) واستقراره واستقلاله وتكريس سيادته على أرضه.
ولم يصل الملك عبدالله إلى هذه المكانة الرفيعة، ليس في بلده وبين أبناء شعبه فحسب، وإنما في كل المنطقة، بل والعالم أجمع، بشرقه وغربه، لو أنه لا يحترم وعوده ولا يقف عند كلمته؛ فهو رجل إذا قال فعل، لذلك كانت كل مقولاته التي وعد بها منذ أن تربع على عرش بلادنا، تتحول إلى قضية منتهية ومحسومة بمجرد الإعلان عنها.
الصفقة بين لبنان وفرنسا لم تكتف المملكة فقط بتمويلها كاملة وإنما ضغطت على فرنسا لتشمل كل المتطلبات النوعية من الأسلحة التي حاولت بعض القوى والجهات حرمان الدولة اللبنانية منها، فرمت المملكة بثقلها ونفوذها لأن تشمل كل ما يتطلبه الجيش اللبناني من أسلحة متقدمة وعتاد متطور، سيكون له بلا شك أقوى الأثر في الارتقاء بقدرات جيش لبنان إلى المستوى الذي يتمكن فيه من حماية التراب اللبناني من الأخطار التي تعصف به ذات اليمين وذات الشمال وتتكالب على أمنه واستقراره من كل حدب وصوب.
والمملكة حينما تسلح الجيش اللبناني وتقف معه وتذلل الصعاب لتكون هذه الصفقة مواكبة لطموحات رجال الجيش اللبناني نوعا وكما، حقيقة على الأرض، فهي تدعم (لبنان الدولة)، والممثل الوحيد لكل اللبنانيين بمختلف طوائفهم وفئاتهم وأحزابهم لحماية ترابهم، وليس فصيلا معينا، أو طائفة محددة، كما هي مواقف الآخرين، والمنبثق عنها خطاب المشككين في مواقف المملكة؛ وهذه - بالمناسبة - من ثوابت المملكة، ومن أهم أسس تعاملاتها السياسية الخارجية؛ لا نقول هذا على مستوى الشعار فحسب، وإنما على مستوى التطبيق أيضا؛ هذه ثوابتها التي لا تحيد عنها منذ عبدالعزيز وحتى عبدالله بن عبدالعزيز، والتاريخ ومواقف المملكة تثبت وبالبراهين ما أقول.
ولعل قوة المملكة، ونفوذها في المنطقة وفي العالم، ومكانتها تنبع من هذه النقطة الجوهرية؛ فهي لا تتعامل إلا مع الدول، ولا تقف إلا مع مؤسساتها الرسمية، ولا تقول في النهار ما تخالفه ممارساتها السياسية في الليل ولا تعرف الاجندات الخفية، والاستقطابات المريبة، وإنما هو الوضوح في الرؤية والمواقف ما جعل للمملكة كل هذه المكانة، وارتقى بزعيمها الملك عبدالله إلى هذا المستوى الرفيع في زمن عصفت فيه العواصف بدول وأسقطت عروش وزلزلت أنظمة، وانتهت إلى تأكيد المقولة المتداولة: ما اكتنف الوفاء أمرا إلا زانه ولا اكتنف النكوث بوعد إلا شانه.
سقوط رهانات المشككين على أن هذه الصفقة لن تتم ولن ترى النور يثبت للبنانيين أولا وللعالم ثانيا أن (العملاء) ومن اللبنانيين أنفسهم للأسف، هم أعداء لبنان، ومن يتربصون به؛ هؤلاء ها هم وها هي رهاناتهم تتساقط كأوراق الشجر والشتاء على الأبواب. لتذروها الرياح. ومرة أخرى (لا يصح إلا الصحيح ولا يفي إلا الكبار أيها السادة).
إلى اللقاء..