أدركت الجماعات الإرهابية ومن يقفون خلفها ويدعمونها بعد سنين طويلة من ارتكاب المجازر الإرهابية على ثرى هذا الوطن أن ضرب المواطنين مباشرة بالدولة لم يعد مجديا لأن المواطن السعودي المحب لوطنه على درجة عالية من الفهم والوعي وخاصة ما يتعلق بحبه لوطنه ودولته، ووقوفه بصرامة ضد أي قوى تحاول هز صورة الدولة أو زعزعة الأمن، وفي المقابل فالدولة دأبت عبر العقود الماضية على بذل محاولات جادة لتلمس حاجات المواطن الحياتية لتلبيتها برفع مستوى معيشته وفق الإمكانات المتاحة، وتحسين الخدمات المختلفة، وضخ حزم من المشروعات مواكبة لعجلة التطور في الدول الأخرى . كان ذلك بإصدار أوامر ملكية متتابعة هدفت لزيادة الرواتب وبناء وحدات سكنية وتوظيف وتثبيت آلاف الشباب والشابات في وظائف رسمية، والإعفاء من قروض ظلت جاثمة على صدور بعض المواطنين.
في ظل هذا التناغم بين الدولة والمواطنين وجد الإرهابيون أنفسهم يدورون في حلقة مفرغة رغم قيامهم بتفجيرات وقتل في أكثر من موقع في السعودية منذ اندلاع عملياتهم الحاقدة قبل أكثر من عشر سنوات. لم يجدوا من الغالبية العظمى من أبناء هذا البلد إلا الشجب والتنديد والاستنكار.
أدرك المجرمون الخوارج بخبثهم وما تضمره صدورهم من توجهات عدائية أن الاستمرار في هذا المضمار قليل الجدوى وغير مضمون النتائج لقوة التلاحم بين القيادة والشعب، ولصلابة رجال الأمن وتفانيهم وإخلاصهم في أداء مهامهم الوطنية لدرجة أن أجهزة الأمن خسرت وعلى مدى سنوات صفوة من رجالها الذين استشهدوا وهم يؤدون واجباتهم الوطنية ببسالة قل أن تجد لها مثيلا . لذلك اتجهوا وبتضافر من دعاتهم ومحرضيهم مشعلي نيران الفتن وبعد فشلهم الذريع في ضرب الدولة بالشعب إلى رهان آخر لعله يكون أكثر نجاعة فعمدوا نظريا وعبر خطب مناصريهم لإشعال فتيل الطائفية بالتأجيج وإذكاء نار الفتنة والعزف على مصطلحات تثير النعرات وتوغر الصدور ولا تخدم الوحدة الوطنية . من الناحية العملية جاءت حادثة قرية الدالوة بمحافظة الأحساء لتؤكد التوجه الجديد لزمرة المفسدين فقد انصرفوا لمهاجمة أبناء الشيعة المسالمين بأمل أن تؤدي هذه الحادثة وما قد يستتبعها من حوادث في ضرب الطائفتين السنية والشيعية وقيادة البلاد لا قدر الله إلى معارك طائفية طاحنة بأعتبار أن الخوارج الذين نفذوا العملية محسوبين على السنة وأن الشيعة سيقومون بالرد لتشتعل النار بين الطرفين لتمزق البلاد، وحين تندلع مثل هذه الحروب الطائفية الأهلية فإن إخمادها والقضاء عليها ليس بالعمل اليسير، وقد يطول لسنوات.
ردود أفعال الطائفتين السنية والشيعية بعد الحادثة مباشرة والتي نددت بما جرى وأبدى خلالها السنة وقوفهم مع الشيعة من منطلقات دينية وطنية أكدت فشل الإرهاب في مسعاه الجديد، وأن التلاحم بين أبناء الوطن الواحد من القوة ما يجعله عصيا على هؤلاء القتلة المجرمين أصحاب الفكر المتطرف والمنحرف لذلك وأدت هذه الفتنة في مهدها.
بقي مسألة على قدر كبير من الأهمية بأن لا تمر هذه الحادثة مرور الكرام إذ لابد من سن قوانين صارمة يجرم فيها كل من يعزف على وتر الطائفية أو التصنيفات الفكرية أو يدعو لإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الأمن المسالم. فقط أنزلوا العقوبات المغلظة بمثيري الفتن أيا كانت توجهاتهم وسيجني الوطن بإذن الله أفضل الثمار.