لا أحد يطالب من أي شعب أن ينفصل عن تاريخه، لكن لا أحد أيضاً يلزم الشعوب أن تعيش في التاريخ، وأن تكون أمتنا العربية أو حتى الإسلامية حبيسة الماضي، فمن أحداث الربيع العربي عام 2010م وهناك من يضغط للعودة للماضي وأن نعود للجذور لسجل الماضي، يقابله تيار آخر يطالب بالانفصال بل الانسلاخ عن الماضي، أي إما أصولية تاريخية محضة أو انسلاخ تام عن التاريخ والثقافة العربية والإسلامية.
داعش السنة وداعش الشيعة وداعش التيار العسكري وداعش الثقافة جميعها تدعو إلى العودة للماضي وتتجاهل الواقع الحالي والمعاش، والأغرب أن المحللين في الغرب لا يرون العرب إلا بصورة الماضي، وربما أيضاً السياسة في: أمريكا وأوروبا وروسيا وإيران تكاد تعزز هذه النظرة وكأنها تتوافق مع ثقافة داعش أن العرب يعيشون بحلم الدولة الإسلامية والخلافة الإسلامية، لذا جاءت تفسيراتهم وتحليلاتهم باتجاه العودة للأصولية التاريخية.
في أحداث سوريا وظهور داعش في العراق ودخول تركيا وأمريكا وأوروبا وروسيا وإيران في الحرب كأنه يعيدنا للقرن (14) الميلادي وما تلاه من مواجهات الدولة العثمانية ضد الإمبراطورية البيزنطية وإيران في صراع من يسيطر على الأراضي العربية، ثم فيما بعد صراع الدولة العثمانية ضد البرتغال وبريطانيا وروسيا وإيران للسيطرة على الممرات البحرية مياه العرب، إذن الغرب وإيران وروسيا تريدنا أن نعيش بالماضي حتى يستمر الصراع والحروب على أرض العرب, وداعش السنة والشيعة ومنظمة القاعدة والتيارات العسكرية المتطرفة هي من أسباب استمرار الحرب والتواجد الأجنبي في الأراضي العربية.
الفكر والثقافة الداعشية مرفوضة عربياً وإسلامياً إذا أردنا بناء الوطن العربي الجديد أو الخلافة الإسلامية على غرار نموذج الاتحاد الأوروبي أو الحلف الأطلسي، لأن سياسات داعش والمنظمات الإسلامية المتطرفة هي تمزيق العالم الإسلامي والعربي الذي كان قريبا من التضامن والتكتل حتى ضرب في عام (1990)م بعد غزو الكويت ثم عام 2001م بعد أحداث 11 سبتمبر وعام 2003م غزو العراق وأخيراً عام 2010م قيام الربيع العربي الذي قضى على حلم التضامن العربي والإسلامي.
المطامع الغربية والروسية والإيرانية تريدنا أن نعيش في الأصولية التاريخية والفكر الداعشي ليبقى العرب والدول الإسلامية في صراعها الأزلي وحروب السنة والشيعة ونزاع الأقليات.