نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، رأس صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وفد المملكة في قمة العشرين التي بدأت أعمالها امس السبت في مدينة بريسبن الأسترالية. وكان سمو ولي العهد قد وصل إلى مقر البرلمان، حيث كان في استقباله دولة رئيس الوزراء الاسترالي توني آبوت.
وقد وقع سمو ولي العهد على سجل البرلمان، متوجهاً بعد ذلك برفقة قادة دول مجموعة العشرين إلى مركز المؤتمرات. وفور وصول قادة ورؤساء وفود قمة العشرين إلى مركز المؤتمرات تحدث رئيس وزراء أستراليا (رئيس مجموعة العشرين الحالي) في الجلسة الابتدائية عن سبل تعزيز النمو الاقتصادي لدول قمة العشرين وما تحتاجه من دعم لاقتصاداتها للمحافظة على استقرارها.
وأوضح رئيس وزراء استراليا أن جدول أعمال القمة سيركز على التعامل مع القضايا التي تفوق قدرات دول العشرين في معالجتها بمفردها، بالإضافة إلى بحث سبل دعم الحركة التجارية وقطاع الأعمال لدول العشرين.. عقب ذلك توجه قادة ورؤساء وفود قمة العشرين إلى حديقة البرلمان حيث تناولوا طعام الغداء. وبعد وصول سمو ولي العهد وقادة ورؤساء وفود دول مجموعة العشرين إلى مركز بريسبن للمؤتمرات والمعارض، رحب دولة رئيس وزراء أستراليا، بسمو ولي العهد وقادة وفود دول مجموعة العشرين كلا على حده. ثم شاهد سمو ولي العهد، وقادة دول مجموعة العشرين، عرضاً ترحيبياً على طريقة السكان الأصليين.
إثر ذلك توجه سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وقادة ورؤساء وفود دول مجموعة العشرين وقد ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، كلمة المملكة، فيما يلي نصها:
أصحابَ الفخامةِ والمَعالي يَسُرني أنْ أُعبِّر عن سعَادتِنا بالتواجُدِ في هذا البلدِ الصديق، وأنْ أنقُلَ لكم تحياتِ خادمِ الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وخالصَ تمنيَّاتِه لاجتماعاتِنا بالنجاح، كما أودُّ أن أُعبِّر عن الشُكر والتقدير لدولةِ الرئاسةِ أستراليا على جُهودها في رئاسةِ مجموعتِنا لهذا العامِ وعلى حرْصِها لتعْزيزِ دورِ هذهِ المجموعةِ المُهمةِ بِوَصْفهَا المُنتدى الرئيسْ للتعاونِ الاقتصادي بينَ دُولِها الأعضاءِ لتحقيقِ هدفنا المُشتركِ في نموٍ اقتصادي عالمي قوي ومتوازنٍ ومُستدام.
أصحابَ الفخامةِ والمعالي إنَّ ضعفَ وتيرةِ تَعافِي الاقتصادِ العالمي، وازديادَ حدِّةِ المخاطرِ يتطلَّبُ مواصلةَ تنفيذِ السياساتِ الاقتصاديةِ والإصلاحاتِ الهيكليَّةِ الداعمةِ للنُموِّ، وإيجادَ فُرصِ العمل، واستكمالَ تنفيذِ إصلاحِ التشريعاتِ الماليَّةِ، للحدِّ من المخاطرِ التي قد تُؤثِّرُ على الاستقرارِ المالي العالمي، والاستمرارِ في تعزيزِ أُطُرِ السياساتِ المالية والهيكلية في اقتصاداتِ بعضِ الدُولِ الأعضاء، ولا يَخفَى على الجميعِ الارتباطُ الوثيق بين النّموِّ الاقتصادي والسِّلمِ العالمي، إذ لا يُمكنُ تحقيقُ أحدِهما دونَ الآخر،ِ الأمرُ الذي يتطلَّبُ منَّا جميعاً التعاونَ والعملَ لمُعالجةِ القضايَا التي تُمثِّلُ مصدرَ تهديدٍ لِهذا السِّلم، ومن ذلكَ: العملُ على حلِّ النزاعِ العربي الإسرائيلي حلاً عادلاً وشاملاً، إذْ إنَّ بقاءَ هذا النزاعِ دونَ حلٍّ أسهمَ بشكلٍ مُباشرٍ في استمرارٍ عدمٍ الاستقرارٍ في الشرقِ الأوسط،كما أنَّ استمرارَ الأزمةِ السوريةِ فاقمَ منْ معاناةِ الشعبِ السوري الشقيق، وأسهمَ في ازديادِ حدَّةِ الاستقطاب، وانتشارِ العُنفِ والإرهابِ في دولِ المنطقة، ومِن هذا المُنطلقِ ندُعو دولِ المجموعةِ لما لها من قوةٍ وتأثيرٍ، وندعُو كذلكَ المُجتمع الدولي للتعاونِ والعملِ معاً لمُساعدةِ دولِ المنطقةِ في إيجادِ المعالجاتِ المناسبةِ لهذهِ القضايا المُلحّة، وبما يدعمُ أهدافنا المشتركة في نمو اقتصادي عالمي قوي وشامل, ونعبِّرُ عن استعداد المملكة لمواصلة دعم الجهود الدولية لتعزيزِ الأمنِ والاستقرارِ في المنطقةِ، لما لِذلكَ من أهميةٍ للاستقرارِ والسِّلمِ العالمي.
أصحابَ الفخامةِ والمعالي.. إننا نُرحّبُ بتوافقِ الآراءِ لترسيخِ الثقةِ في الاقتصادِ العالمي، وتَحفيزِ نموِّهِ واسْتدامتهِ، وتعزيزِ جهودِ إيجادِ فرصِ العملِ على النحوِ الواردِ في خُططِ العملِ المُقرَّةِ في إستراتيجياتِ النموِّ الشاملةِ لدولِ المجموعة، ونُؤكِّدُ على ضرورةِ التنفيذِ الكاملِ للتَّدابيرِ والسياساتِ الطموحةِ الفرديَّةِ والجماعيةِ التي تضَمَّنتها هذه الإستراتيجياتُ بهدفِ رفعِ الناتجِ المحلي الإجمالي للمجموعةِ بأكثرِ من اثنين في المئة على مدى السنواتِ الخمسِ المقبلةِ، مع مُراعاةِ المُرونةِ وفقاً للأوضاعِ الاقتصاديةِ لكلِّ دولة، كما نُرحِّبُ بهذا الصددِ بمبادرةِ البُنيةِ التحتيةِ العالمية.
إنَّ تعزيزَ إمكانيّاتِ الوصولِ إلى مصادرِ طاقةٍ مُستدامةٍ وموثوقةٍ وبِتكاليفَ معقولةٍ، خاصةً للدولِ الفقيرة، يُعدُّ شرطاً أساسياً لخفضِ الفقرِ وتحقيق التنميةِ، ولا يَخفى عليكُم الدورُ المهمُ للوقودِ الأَحْفُوري في مزيجِ الطاقةِ العالمي، ومُساهمتِه في تَوازُنِه، وفي ضمانِ أمنِ إمداداتِ الطاقةِ، وتمْكينِ الدولِ الناميةِ من الحصولِ على الطاقةِ بِتكالِيفَ مُحفِّزَةٍ للتنمية، وفيما يَتعلَّقُ بإعاناتِ الطاقةِ، -وحيثُ إنها جميعاً تُؤثِّرُ على الأوضاعِ الماليةِ العامةِ- فإنَّ جهودَ الترشيدِ يجبُ أن تشملها كافةً، مع مُراعاةِ الظروفِ الداخليةِ لكلّ دولةٍ، وضرورةِ العمل على رَفعِ كفاءةِ استخدامِ الطاقة.
وفي هذا الإطارِ نُشيرُ إلى أنَّ المملكةَ بدأت في تنفيذ برنامجٍ وطني شاملٍ لترشيدِ ورفعِ كفاءةِ استخدامِ الطاقةِ، معَ الأخذِ بِعيْنِ الاعتبارِ متطلباتِ التنميةِ المحلية، وفيما يَخُصُّ أسواقَ الطاقةِ العالميةِ فإنَّ المملكةَ مستمرةٌ في سياستِها المُتوازنةِ ودورِها الإيجابي والمُؤثِّرِ لتعزيزِ استقرارِ هذهِ الأسواق من خلالِ دوْرها الفاعلِ في السوقِ البتروليةِ العالمية، والأخذَ في الاعتبارِ مصالحَ الدولِ المُنتجةِ والمُستهلكةِ للطاقة.
ومن أجلِ ذلكَ استثمرتِ المملكةُ بشكلٍ كبيرٍ للاحتفاظِ بطاقةٍ إنتاجيةٍ إضافيةٍ لتعزيزِ استقرارِ أسواقِ الطاقةِ العالمية، وبالتالي دعمِ النموِّ الاقتصادي العالمي وتعزيزِ استقراره. أصحاب الفخامة والمعالي لقدْ حققَّ اقتصادُ المملكةِ خلالَ السنواتِ الأخيرةِ نمواً قوياً خاصةً القطاعَ غيرَ النفطي، ونُعبِّرُ عن الارتياحِ للأوضاعِ الماليةِ العامةِ الجيدةِ نتيجةً للجهودِ التي بُذلت لتعزيزهِ من خلالِ بناءِ الاحتياطيات وتخفيضِ نسبةِ الديْنِ العام إلى الناتجِ المحلي الإجمالي حتى وصلتْ إلى أقلَّ من ثلاثة في المئة، وبناءِ مؤسساتٍ ماليةٍ وقطاعٍ مصرفي قوي يتمتعُ بالمرونةِ والملاءة الماليةِ القوية، وسوفَ تستمرُ المملكةُ باتِّباعِ السياساتِ الاقتصاديةِ وتنفيذِ الإصلاحات الهيكليةِ التي من شأنها تعزيزُ النموِّ القوي وتشجيعِ التنوُّعِ الاقتصادي، ورفعِ مُعدلات التوظيف والمشاركةِ للمواطنينَ،ودفعِ عجلةِ التنميةِ المُستدامة.
ختاماً نودُّ الإشادةَ بما تحققَ من تقدُّمٍ في جدولِ أعمالِ مجموعةِ العشرين، مؤكدينَ حرصَنَا على العملِ معَ المجموعةِ لتحقيقِ أهدافِنَا المشتركة، شاكرينَ مرةً أخرى لأستراليا جهودها في رئاستها الناجحةِ للمجموعة، وما حقَّقتهُ من إضافةٍ لأعمالها. وقد تناولت الجلسة الأولى سبل تعزيز النمو الاقتصادي من خلال تحسين نتائج التجارة والتوظيف وجعل الاقتصاد العالمي أكثر مرونة للتعامل مع الصدمات في المستقبل، إلى جانب تفعيل التنسيق بين أعضاء دول المجموعة بالنظر إلى القوة الاقتصادية التي تتمتع بها دول مجموعة العشرين.
وعقب الجلسة التقطت الصور التذكارية لقادة ورؤساء وفود مجموعة العشرين.. حضر الجلسة الأولى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان سمو ولي العهد المستشار الخاص لسموه ومعالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف ومعالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك.