نوعية الحياة أو - Quality of life - مفهوم خاص بحالة الوجود البشري. ويرتبط مفهوم (نوعية الحياة) بصورة وثيقة بمفهومين آخرين وأساسيين هما: الرفاه - Welfare - والتنعم - Well-being - . وكذلك يرتبط مفهوم نوعية الحياة بمفاهيم أخرى للعلم الاجتماعي كـ(التنمية) و(التقدم) و(التحسن) و(إشباع الحاجات) إضافة إلى - الفقر - .
ولكي نفرق بين الحالة الاجتماعية والعملية الاجتماعية وهما ذوا أهمية كبرى نقول: إنه إذ يمكن أن يستمتع مجتمع ما بحالة من التنعم خلال فترة زمنية ما دون أن يعني ذلك ضمان استمرار، أو تحسن هذا التنعم في الأجل الطويل من خلال عملية تنموية أي بمعنى آخر: لا يضمن مستوى عالٍ من نوعية الحياة في حد ذاته. ولا مستويات أعلى من نوعية الحياة في المستقبل وثمة مثل تاريخي لا ينسى هو حال - إسبانيا - في العصر التجاري حيث لم يؤد الثراء إلى التقدم. بينما تكون البلدان العربية الغنية بالنفط ليست ثرية أيضًا.
غير أنه ينبغي أن يكون واضحًا أن مفهوم نوعية الحياة والمفاهيم الأخرى المرتبطة بها. تمثل ظواهر متعددة الأوجه. فأحوال الوجود البشري متنوعة وتتسم بالتغير الدائم والتكاثر. كما ينبغي أن نضيف إلى ما ذكرنا فإن مفهوم نوعية الحياة يتوقف على السياق الثقافي بشكل واضح وجلي.
وقد ظل قياس نوعية الحياة مسعى دؤوبًا في الإحصاء والعلم الاجتماعي ولم يزل. ولكن بسبب الحالة - الشعرية والسديمية - التي تظلل عنواننا - نوعية الحياة - وبسبب مشكلات يعاني منها العلم في القياس وتثار من حين لآخر. ولكن دراسة عظيمة لـ J. DREWNSKi بنفس عنواننا نشرت قرابة 1984م يناقش الكاتب فيها مفهوم نوعية الحياة. وترجع بداية استخدامه للمصطلح إلى بداية الستينات من القرن الماضي بينما يرجع استخدام نفس المصطلح في تراث (علم الاجتماع) إلى مطلع السبعينيات ويشير إلى أن السمة المميزة لمفهوم نوعية الحياة عن المفاهيم الأخرى الملتصقة به إلى الجهد الخاص المبذول في قياس التأثير الجمعي لكل من حقائق الحياة من جهة وإلى انطباعات الناس عن هذه الحقائق وتأثيرها بحياتهم من جهة أخرى.. بمعنى: تفاعل الذاتي مع الموضوعي في تكوين نوعية الحياة. وفي دراسات متنوعة لزملاء له ضمن مهرجان حواري استخدم أحدهم مشروع إسكان للتمييز بين الجانب الموضوعي والجانب الذاتي في نوعية الحياة فيربط الموضوعي بمجمل قيم الاستعمال المتحققة في المشرو ع ويقوم الذاتي بتقييم مجمل قيم الاستعمال المتحققة كما يراها المستفيدون من المشروع ويرى أن قياس نوعية الحياة يتابع ردود الفعل الذاتية للبشر في الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بهم.
ومؤسف أنه وبالرغم من توفر معطيات التقدم لهذا الجزء المهم من حياة بني الإنسان كانت البيانات المتاحة عادة عن (النسق) الاجتماعي والاقتصادي على المستوى الدولي لا تكفي لقياس وافٍ لنوعية الحياة ومن ذلك مثلاً أن بعض المتغيرات واجبة الاعتبار في هكذا قياس وهذا كفيل ليس بإحباط الباحثين عن تأسيس علم متجدد بل وبمنح السياسيين فرصة أخرى ككثير من الفرص التي سبق منحهم إياها ليهدروها.
وهكذا نرى أن العلم وحده لن يكون حلاً لجميع مسائل العيش خاصة تلك المتسائل عنها وتلك المثيرة للقلق. ونحن في حالة شبه الانقطاع عن مثيلات هذا الفرع المبتكر من العلم نحمد الله أننا نعيش نوعية الحياة - وإن لم ندرك ذلك - التي ترتبط بمفهومين من أهم المفاهيم وهما - ونكررهما راطنين - Welfar (التنعم) وWeil-bieng (التنعم)!
* ملاحظات غير هامشية
1 - العلم دعوة للإيمان. فقياس نوعية الحياة يتيح لنا المقارنة بين حياة شعوب عاشت الشظف وعن حياة حتى اللاجئين من بلدانهم بسبب العنف!
2 - في الإيمان الحقيقي وليس المصطنع لا يبحث الإنسان عن أدلة من العلم ليعمق بواسطتها حقائق الدين. وأظنني لست مختلفًا جدًا عن الذين يشعرون بأن الإيمان مرحلة تسبق التعلم. وحسبي الله ونعم الوكيل.