فاصلة:
(رامي السهام هو مثال للحكيم، عندما يخطئ وسط المرمى فإنه يهاجم نفسه)
-حكمة صينية-
كلما قرأت أو سمعت تصريحاً لمسؤول ينافي الواقع تذكّرت أصدق بيت شعر للعرب والذي قاله زهير ابن أبي سلمى:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
هذا البيت رغم أنه من عصر الجاهلية إلا أنه يؤكّد أن المعلومات لا يمكن إخفاؤها.
التصريحات التي تنشر في وسائل الإعلام مثل: (العنف الأسري ليس ظاهرة... مناهجنا الدراسية منزهة عن الإرهاب والتطرف)
وكثير جداً مما لم يعد مقبولاً في زمن تدفق المعلومات.
إنما هي تكشف عن تورط المسؤول والإعلامي في تشويه الرأي العام.
فالذين يصرحون إلى وسائل الإعلام بمثل هذه التصريحات هم في حقيقة تكوينهم الشخصي يميلون إلى تجاهل مواجهة الواقع... يمارسون ذلك في حياتهم الخاصة، فالشفافية قبل أن ينفذها الإنسان في عمله تظهر في تعامله مع ذاته وأسرته.
ولأني لا أريد أن أتحدث عن الشفافية في تعريفها الاصطلاحي وعلاقتها بالفساد في الإدارة، أود أن نتعمّق أكثر في أفكار الإنسان نفسه وشفافيته مع نفسه قبل أن يعكسها على أسرته وبيئته الخارجية.
الإنسان إن لم يكن شفافاً مع نفسه فإنه يخسر كثيراً من الوقت والجهد لإصلاح ذاته.
وإذا لم يعترف لنفسه على الأقل بمسؤوليته في كل ما يحدث له في واقعه فإنه سيظل يدور في حلقة مفرغة من الإسقاط والتبرير وأي من العمليات الدفاعية التي يتورط فيها الإنسان لأنه لم يتحمّل مسؤولية صنع حياته وواقعه.
كثير من الناس لا يتوقفون عند أي موقف مزعج يحدث لهم ليسألوا أنفسهم عن دورهم فيما حدث، ولذلك فالمواقف المزعجة يتكرر حدوثها في حياتهم وإن اختلفت في تفاصيلها.
إن ما تفرزه وسائل الإعلام من تناقضات في نقل الواقع إلى الناس هو نتيجة عدم إدراكها لأهمية الشفافية وقبل الوسيلة فأين شفافية الإعلامي نفسه في صناعة الخبر وهي قضية خاضعة لنظريات إعلامية عدة تجعل من الصعب التيقن من توفر هذه الخاصية بسهولة.
ونعود لبناء الإنسان نفسه كذات قبل أن يكون مؤثراً في المجتمع، ففي البدء كان الإنسان.