ديربي الغضب كما يطلق عليه في الأوساط الكروية الإيطالية حينما يصطدم الغريمان التقليديان في مدينة ميلانو، وهو الديربي الأقوى في العالم (فيما مضى) حسب اتفاق العديد من وسائل الإعلام في القارة العجوز. ومع انطلاق مواجهة الديربي غداً الأحد فإن الأضوء تعود للاتجاه من جديد للكالتشيو بعد أن فقد الكثير من رونقه وبريقه. ولعل مباراة الديربي غداً ستعكس لنا الحال المتردية التي وصلت إليها الكرة الإيطالية وبطولة الدوري هناك، بعد أن كانت البطولة الأقوى على مستوى العالم في وقت سابق.
** العديد من الشخصيات الكروية في إيطاليا وداخل إيطاليا تحدثت عن ميلان وإنتر ميلان قبل لقاء الديربي في الأسبوع الثاني عشر. ومن أبرز الأحاديث التي اجتذبت اهتمامي الكلمات التي أدلى بها الظهير الأيسر الطائر والبرازيلي الدولي السابق سيرجينهو (نجم ميلان الإيطالي المعتزل)، عندما لخص وضع الكرة الإيطالية ومباراة الديربي بقوله: «الكرة الإيطالية لا تعيش في أفضل حالتها حالياً، وهو الأمر الذي تستطيع أن تلمسه من خلال لقاء الديربي، الذي فقد الكثير من رونقه مقارنة بالسنوات الماضية. فتجد فريقين بهذا الحجم والتاريخ لا يستطيعان المشاركة في دوري الأبطال». في إشارة واضحة من النجم السابق إلى أن حامل لقب دوري أبطال أوروبا في عام 2007 (قبل سبع سنوات فقط) يحتل المركز السابع، وحامل لقب البطولة ذاتها عام 2010 (قبل أربع سنوات مضت) يقبع في المركز التاسع حالياً.
** إدارة الروسونيري برئاسة السيد سيلفيو برلسكوني تكفلت بمتابعة واقتناص الصفقات المجانية دون النظر للقيمة الفنية للاعب داخل المستطيل الأخضر، فما إن تنشر وسائل الإعلام خبراً عن اقتراب عقد أحد اللاعبين من انتهاء فترته إلا وتجد السيد أدريانو جالياني (نائب الرئيس) في أمسية مسائية في أحد المطاعم الإيطالية برفقة وكيل أعمال اللاعب المنشود؛ ما أدى لتردي القيمة الفنية للنادي العملاق الحائز سبعة ألقاب لدوري أبطال أوروبا.
** إدارة النيراتزوري بدت أكثر شجاعة وعشقاً وحباً وتضحية عندما تنحى الرئيس السابق ماسيمو موراتي عن منصبه نظراً لعدم قدرته على حمل لواء النادي؛ ليكون في مصاف كبار القارة، لكنه وقع في «الفخ الإندونيسي» بعد أن باع الحصة الأكبر من أسهم النادي للرئيس الإندونيسي الحالي أيريك توهير، الذي لم يحرك ساكناً بل اكتفى بسداد الرواتب والمصاريف المطلوبة منه دون القيام بصفقات مدوية في السوق الكروية من شأنها إرضاء طموحات الإنتريستا (جماهير الإنتر). ولم يتقدم إنتر ميلان في عهد الرئيس توهير أي خطوات إلى الأمام، بل إنه تراجع كثيراً ليصبح خصماً سهلاً لكل منافسيه مهما اختلفت مستوياتهم.
** مما سبق يتبادر لأذهان عشاق الناديين، خاصة في الوقت الراهن، قبل انطلاق مباراة الديربي، العديد من التساؤولات التي يأتي في مقدمتها: ميلان وإنتر ميلان إلى أين؟ وإلى متى؟
** وحده فقط برليسكوني من يستطيع الإجابة عن حال ميلان.. وإلى متى سيبقى بعيداً عن الدعم المالي المطلوب من أجل التوقيع مع لاعبين كبار، من شأنهم إعادة النادي للقمة مع الكبار بعد أن سقط منها. ووحده فقط إيريك توهير من يستطيع الإجابة عن حال إنتر ميلان.. وإلى متى سيبقى منهاراً بهذا الشكل.
** الكرة الإيطالية لا تحتاج لعودة ميلان والإنتر فقط لتعود في القمة كما كانت.. بل إن هناك العديد من العوامل المطلوب توافرها، منها الاهتمام بقطاع الفئات السنية، والعمل على تطوير وتحسين البنية التحتية للملاعب، إضافة لأهمية الدور الحكومي في تلبية مطالب بعض مسؤولي الأندية التي تتعلق بتخفيض نسبة الضرائب المفروضة على مداخيل الأندية ورواتب اللاعبين؛ إذ إنها تبلغ ضعف القيمة المقررة في إنجلترا وإسبانيا.
** متى ما ساعدت الحكومة الإيطالية أنديتها على النهوض فإن الأندية والكالتشيو سيستعيدون بريقهم دون أدنى شك متى ما علمنا أن إيطاليا هي بلد شغوف وعاشق لكرة القدم؛ إذ إن الناس هناك يتنفسون كرة القدم مع الهواء، ويشربونها مع الماء.
** فيما يخص نتيجة الديربي.. أعتقد أن الاستقرار الفني للروسونيرو سيمنحه أفضلية الفوز بالنتيجة.. ما لم يكن للمدرب الجديد القديم (روبيرتو مانشيني) كلمة ليقولها في مواجهة الغد.