بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، افتتح صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد الله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة، مساء أمس الأول، ملتقى مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري للمملكة والمعرض المصاحب له الذي نظمته جامعة الملك سعود في مقرها بالرياض بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار. وكان في استقبال سموهما صاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية، ومعالي نائب وزير التعليم العالي الدكتور أحمد بن محمد السيف، ومعالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر، ووكلاء الجامعة. وفور صول سموهما تجولا في أروقة المعرض المصاحب للملتقى الذي يستمر يومين، واطلعا على ما يحتويه من صور تراثية لمختلف مناطق المملكة. بعد ذلك بدئ الحفل الخطابي بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر كلمة أوضح فيها أن هذا الملتقى تنطلق أهميته من المكانة الكبيرة للمملكة على كل المستويات كافة الأمر الذي يستدعي ظهورها بسمات تمثل هويتها الأصلية وتراثها العريق وأثرها الممتد عبر التاريخ مع المحافظة على هذه الهوية دون مس أو دمج للثقافات الأخرى. وبين أن مهمة التوثيق ليست حصراً على الجهات العلمية فحسب بل هي مسؤولية مشتركة بينها وبين الأفراد الغيورين على تراث وطنهم وتاريخه وحضارته التي يتمثل جزءا منها في الآثار، مثمناً جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار في تسجيل ثلاثة مواقع تاريخية في منظمة اليونيسكو وهي مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية. وقال معاليه إن تأسيس كرسيِّ بحثٍ جديدٍ متخصصٍ في التراثِ الحضاريِّ للمملكةِ بتمويلٍ كاملٍ من الجامعة، كان الدافعُ الأبرزُ إليه تبني خادمِ الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز: (مشروعَ الملكِ عبدالله للعنايةِ بالتراثِ الحضاريِّ للمملكة)، الأمرُ الذي حملَ الجامعةَ إلى التقدمِ بخطوةٍ نوعيةٍ في عنايتِها المستمرةِ بقطاعِ الآثارِ وعملِها المشتركِ مع الهيئةِ، لمواصلةِ تعزيزِ المحافظةِ على تراثِ بلادِنا، وإبرازِهِ بوصفِهِ هُويةً وطنية. عقب ذلك ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام المكلف الدكتور بندر بن محمد حجار كلمة أوضح فيها أن الوزارة منذ توقيعها مذكرة التعاون مع الهيئة العامة لسياحة والآثار منذ عدة سنوات وهي تسعى نحو الهدف السامي الذي حددته الهيئة وهو الخروج بالآثار والتراث من دائرة النخب والمختصين إلى دائرة أوسع وأشمل بحيث تستوعب المواطنين والزوار. وقال معاليه إن الوزارة بكل إداراتها والهيئات التي تعمل معها تدرج ضمن خططها المستقبلية وضمن دوراتها برامج متنوعة عن مشروعَ الملكِ عبدالله للعنايةِ بالتراثِ الحضاريِّ للمملكة وهو أمر يدخل ضمن الشراكة بين الوزارة والهيئة. إثر ذلك شاهد سموهما والحضور فيلماً وثائقياً عن مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري. ثم ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار كلمة رفع فيها شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - على موافقته على إقامة هذا الملتقى التعريفي بمشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري في جامعات المملكة برعاية أمراء المناطق بدءًا من جامعة الملك سعود، مؤكداً أهمية التعريف بالتراث الوطني وبمشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة بوصفه مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً، يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في برامج ومشاريع التراث الوطني. وقال سموه :»اليوم نطلق أكبر وأهم مشروع وطني صنعه حكيم العرب قائد الأمة، فهذا المشروع يهدف في الأساس إلى استعادة الوعي للمواطنين وخاصة أجيال الشباب بتراث بلادهم وربطهم بتاريخ المملكة التي هي بلد الإسلام قبل كل شيء واعتزاز أهلها بأنهم يقطنون بلد الحرمين ويخدمونها». وقال «نحن نعتز بأن ينطلق هذا المشروع من جامعة المملكة الأولى وهي جامعة الملك سعود، هذه الجامعة التي نعتز بشراكتنا معها وبما قامت به من خدمة لآثارنا خلال الأربعين عاما الماضي، فهي تعمل معنا في عدد من المسارات ليس في الآثار بل مسارات متعددة تصب في مصلحة المواطن». وأوضح سموه أن الملتقى يهدف للتعريف بمبادرة تاريخية باسم قائد ورائد تاريخي وهي مبادرة وطنية، وقال من يعتقد أن هذه المبادرة هي مسؤولية جهة حكومية فهو مخطئ، بل هي مبادرة مهداه لكل مواطن كبيراً كان أو صغيرا وعليه دور في التفكير في استعادة هذا التاريخ المجيد وإخراج التاريخ ليعيشه الشباب والأطفال وينطلقون لمستقبلهم من قاعدة صلبة بأنهم يأتون من بلد الإسلام والحضارات وبلد الخير والمبادرات ووطن كل يتمنى أن ينتمي له، لذلك هذا المشروع مشروع تاريخي بقامة وطن وقائد وطنفي مرحلة مهمة ومفصلية، وهو مشروع مستقبلي وتنموي كما هو مشروع للتاريخ موجه للوحدة الوطنية وتعزيز هذه الوحدة التي لا يمكن أن يزايد أحد على منجزاتها ونحن نعيش في خضم أحداث خطيرة تلف الدول المحيطة بنا». وأضاف سموه «نريد أن نقول وإن كنا قبل كل شيء بلاد الإسلام والعقيدة قولاً وعملاً ومنهجاً ودستورا، ونحن بلاد الاقتصاد الكبير ضمن الدول العشرين وبلاد السياسة والحوار بين الحضارات والأديان ونحن كمسلمين يجب أن نفتح الحوار بين الأديان ونقف شامخين قادرين على الحوار منطلقين من هذا الدين العظيم وهذه الرسالة التي أطلقها قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - حيث رأى أن المستقبل لمن يقف قادراً على الحوار وفتح الأبواب والنوافذ ولا يخشى أحد». ومضى سموه قائلاً «نريد أن تكون قصص هذا الوطن معاشة لا نريدها حكراً على الكتب، نريد الصغار والشباب من خلال المشاريع والمبادرات التي سنطلقها هذا العام أن يروا أين حدث التاريخ من خلال المواقع، فنحن أولى أن نهنئ وننظم مواقع التاريخ الإسلامي لأن تعرض تاريخ هذا الإسلام المجيد، فلا يعقل أن يبقى المواطن معزول عن تاريخ بلده أو أن يكتفي بقراءة كتاب عنه، نحن نريد أن يأتي التاريخ إلى المواطن وأن يفتح أبوابه وقلبه للمواطن من خلال هذا المشروع، وكما قال سيدي سمو ولي العهد بأن كل أسرة وقبيلة ومنطقة أسهمت في بناء هذا البلد». وقال سموه إنني في هذا اليوم أستشعر كلمة خادم الحرمين الشريفين عند افتتاحه أحد المشاريع حينما قال «في بالي أكثر من ذلك بكثير وسترون ذلك في المستقبل»، ونحن نرى بأن هذا المشروع من المشاريع التاريخية التي وعد بها - حفظه الله - وسنراها تنفذ على أرض الواقع، مبيناً سموه أن رئيسة منظمة اليونسكو قد أكدت له أن ما يحدث في أرض المملكة تحت مظلة هذا المشروع هو إنجاز حضاري وتاريخي على مستوى العالم. بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة كلمة أكد فيها اهتمام المملكة بالتراث الوطني. وقال سموه:» يطيب لي أن أرحب بكم في حفل افتتاح ملتقى التراث الحضاري الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار وجامعة الملك سعود في شراكة علمية تجسد مدى التعاون القائم بين قطاعات الدولة، وتحتضنه الرياض التي تزخر ومحافظاتها بالمواقع الأثرية والتراثية». وأوضح سمو الأمير تركي بن عبدالله أنرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة يؤكد اهتمام حكومة المملكة بالمحافظة على التراث الثقافي الوطني وتنميته والتوعية والتعريف به محليا ودوليا وإبراز البعد الحضاري للمملكة عبر برامج ومشروعات تستهدف التوعية والتعريف بالتراث الوطني وحمايته وتأهيليه. وأضاف سموه:» بلادنا بحمد الله تزخر بالعديد من المواقع الأثرية والتراثية التي تؤكد مشاركة إنسان الجزيرة العربية في بناء الثقافة والحضارة الإنسانية، وانفتاحه على الحضارات الأخرى وصلاته الحضارية ودوره في حركة التجارة بين قارات العالم عبر جميع العصور، ويؤكد ذلك تسجيل مدائن صالح والدرعية التاريخية وجدة التاريخية في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وهو اعتراف دولي وتأكيد بالقيمة التاريخية والتراثية الكبيرة لهذه المواقع لتكون مصدر إشعاع حضاري وسياحي على مستوى العالم». وأشار إلى أن اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية أولت اهتماما كبيرا بعمليات التطوير التي تشهدها الدرعية من خلال تأهيل حي طريف وإنشاء مجموعة من المتاحف المتخصصة التي تقدم التاريخ وفق المستوى الذي يستحقه، وبما ينسجم مع تسجيل الدرعية ضمن قائمة التراث العالمي. وأفاد سمو أمير منطقة الرياض أن المواقع التراثية والأثرية الأخرى التي تحويها محافظات منطقة الرياض تحظى بذات الاهتمام والعناية والتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار وبتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة، التي سخرت جهودها وإمكاناتها للمحافظة على تراثنا وآثارنا وتنميته وتأهيله. ولفت سمو الأمير تركي بن عبد الله النظر إلى أن لكل أمة آثار وتراث تعتز وتفخر به، ونحن بحمد الله نعتز ونفتخر بآثارنا وتراثنا الذي يجسد هويتنا الحضارية والثقافية، فلنسعى جميعا للمحافظة عليه. وفي ختام الحفل كرم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد الله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، أعضاء اللجنة المشكلة بالأمر السامي لدراسة المقترح «مشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة»، كما كرم سمو الأمير سلطان بن سلمان شخصيات الملتقى وهم صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد الله بن عبدالعزيز، ومعالي وزير الثقافة والإعلام المكلف، ومعالي مدير جامعة الملك سعود، ثم التقطت اصور التذكارية مع سموهما.