لا تكاد تقرأ اليوم مقالاً في أي صحيفة محلية إلا وتجده يتناول صوراً مؤلمة، لما أفضى إليه الانغلاق الفكري والتطرف والتشدد في المعتقد الديني، من أضرار تهدد سلامة واقعنا الاجتماعي بل وسلامة المستقبل التنموي لبلادنا. ولا عجب في ذلك فالتشدد والتطرف والانغلاق في الفكر الديني، هو خطر مدمر لأي مشروع حضاري، هذا التشدد والتطرف الديني المدمر ليس إلا أعراض لمرض يفتك بمجتمعنا، ألا وهو مرض «تخلف التعليم»، عندما يتخلف التعليم فسوف تظهر على المجتمع أعراض مرضية خطيرة، أقلها أن نبقى عالة على الآخرين نقتات على موائدهم عاجزين عن الإنتاج وعن مشاركة العالم إنجازاته، بل ويعتدي بعضنا على بعض دفاعاً عن شعارات مذهبية أو قبلية أو مناطقية بغيضة. التعليم هو الترياق الذي يعالج سموم التخلف، وعلينا أن نقوم بتركيب هذا الترياق.
في مثل هذه الظروف يصبح مطلوباً من كل فرد، أياً كان توجهه المهني، أن يشارك برأيه وبجهده في تطوير التعليم، التربويون بمفردهم لن يطوروا تعليماً، إنهم في حاجة إلى دعم صاحب القرار السياسي والإداري، ودعم كل المؤسسات الوطنية الحكومية والخاصة ودعم كتّاب الرأي كلٌ بحسب قدرته، ودعم الآباء والأمهات. التعليم يفترض أن يوجّه للشعب، المستفيد الأول منه، وبالتالي فإن مشاركة الشعب بجميع شرائحه المهنية والاجتماعية في بناء وتطوير المشروع التعليمي يصبح عندئذ مطلباً وطنياً تنموياً مفصلياً.